هذا والشمس في آخر برج السرطان ، والصيف قد ألقى على الأرض الجران [١] ، وحكم في الوجود بقوة السّلطان ، فكان كما [٤٦ أ] قال مولانا المقر الكريم الشيخي الإمامي البدري السيد عبد الرحيم [٢] : [من السريع]
جادت لنا الأنواء مغدقة
والصيف أقبل مسرع الجري
فكأنّما شمس الضّحى خرّفت
فتشبّه السرطان بالجدي
ومما قلته : [من الكامل]
نوء الشتاء وبرده وافى وقد
حكم المصيف بقوة السّلطان
فلعلّ هذا الدهر أمسى ذاهلا
فأتى بنوء الجدي في السرطان
فلمّا طلع الفجر ولاح ، وضربت بشائر الصباح ، عزمنا على التبكير بالسير والتغليس ، وذلك ثالث عشر شوال يوم الخميس ، فوصلنا مدينة أركلي [٣] والشمس مستوفية اللألاء مرتقية درجة العلاء ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. وهي مدينة
[١] وردت في (ع): «الحران» والجران : باطن عنق الفرس أو الجمل ومنه قولهم : ضرب الجمل بجرّانه إذا برك : (لسان العرب ١٣ : ٨٧).
[٢] السيد عبد الرحيم بن عبد الرحمن العباسي (ت ٩٦٣ ه) تقدّم التعريف به في مطلع الرحلة.
[٣] أركلي : مدينة بالرّوم ، ذكر القرماني (٣ : ٣٠٥) أنها كلها وقف على المجاورين بمكة والمدينة. ويرى لسترانج (١٨٢) أنها «هرقلة» وقد تحرّف الاسم في الأزمنة المتأخرة.