responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرّحلة الحجازيّة المؤلف : الأمير شكيب أرسلان    الجزء : 1  صفحة : 256

ويستجيشونهم بدون انقطاع ، وكانوا هم مادّة الإسلام وحملة الدين الجديد إلى الأمم ، كانت القواصي تأكلهم ، والحروب تفني منهم مئات الألوف ، وكانت قبائلهم أصبحت منتشرة من الصين ، إلى الهند ، إلى فارس ، إلى الروم ، إلى مصر ، إلى أفريقية ، إلى الأندلس ، إلى فرنسة ، إلى جزائر البحر ، فلم يبق منهم في الجزيرة العدد الذي يقوم بعمرانها.

وكانوا في هذا أشبه بإسبانية التي بعد فتحها للمكسيك ولأمريكة الجنوبية قد تقهقرت إلى الوراء ، بما هاجر من أهلها إلى تلك الديار ، التي فاق فيها الإسبانيول في العدد من بقي منهم في وطنهم الأصلي.

فهذا هو السبب الحقيقي في تقلّص عمران الجزيرة بعد الإسلام ، حتى عاد الوهط مثلا دسكرة حقيرة ، بعد أن كان مسطاح الزبيب فيه يظنّ حرّة لسواده واتساعه.

ومما لا ريب فيه أنّ كروم الطائف كانت لعهد البعثة أكثر مما هي الآن مرارا ، وكانت الخيرات فوق التصور ، فقد روى البلاذري في «فتوح البلدان» [١] أنّ سفيان بن عبد الله الثقفي كتب إلى عمر رضي‌الله‌عنه ، وكان عاملا له على الطائف ، يذكر أنّ قبله حيطانا فيها كروم ، وفيها من الفرسك [٢] والرّمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافا ، واستأمره في العشر ، فكتب إليه عمر : ليس فيها عشر.


[١] [فتوح البلدان (٦٩)].

[٢] المؤلف : الفرسك هو ما نسميه نحن في الشام بالدرّاقن بالتشديد ، وقد يخفف. قال :

وتضربني الحبيبة بالدراقن

وتحسبني الحبيبة لا أراها

ويقولون له في مصر والمغرب : الخوخ ، وأما في اليمن فيقولون له : فرسك ، كما في الحجاز ، وهي لفظة فارسية ، فإنّ اسم هذه الفاكهة فرسك في بلاد العجم ، ويظهر أنّ الألمان أخذوها من فارس ، فهم يقولون لها أيضا : فرسك (Pfirich).

اسم الکتاب : الرّحلة الحجازيّة المؤلف : الأمير شكيب أرسلان    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست