اسم الکتاب : الرّحلة الحجازيّة المؤلف : الأمير شكيب أرسلان الجزء : 1 صفحة : 241
في كتاب «الأغاني» [١] سمّي العرجيّ لأنّه كان يسكن عرج الطائف ، وقيل : سمّي كذلك لمال كان له بالعرج ، وكان من شعراء قريش ، وممن اشتهر بالغزل منهم ، ونحا نحو عمر بن أبي ربيعة في ذلك ، وتشبّه به فأجاد ، وكان مشغوفا باللهو والصيد ، حريصا عليهما ، قليل المحاشاة لأحد فيهما.
نقل السيد خير الدين الزركلي في كتابه «ما رأيت وما سمعت» [٢] عن كتاب «العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين» للمؤرّخ الإمام الحافظ أبي الطيب تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الحسني الفاسي المكي ، المتوفّى في منتصف القرن التاسع ، أنّ محمد بن هشام بن إسماعيل كان واليا على مكة لهشام بن عبد الملك ، فسجن العرجيّ في تهمة دم مولى لعبد الله بن عمر ، فلم يزل في السجن إلى أن مات.
ولكنّ رواية «الأغاني» تخالف ذلك ، فهو يقول : إنّه كان يشبّب بجيداء أم محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي ، ليفضح ابنها ، لا لمحبة كانت بينهما ، فكان ذلك سبب حبس محمد إياه ، وضربه له حتى مات في السجن.
وذكر صاحب «الأغاني» أنّه كان صاحب غزل وفتوة ، وقال : إنّه كان من الفرسان المعدودين مع مسلمة بن عبد الملك بأرض الروم ، وكان له معه بلاء حسن ، ونفقة كثيرة.
وذكر أنّ العرجي باع أموالا عظاما كانت له ، وأطعم ثمنها في سبيل الله ، حتى نفد ذلك كله ، وكان قد اتخذ غلامين ، فإذا كان الليل نصب قدره ، وقام الغلامان يوقدان ، فإذا نام الواحد قام الآخر ، فلا يزالان كذلك حتى يصبحا ، يقول : لعلّ طارقا يطرق.