ذكر الجن والجان [١] وما كان من ابتداء أمرهم وعبادة إبليس
عن وهب (٢)(٣) قال [٤] : خلق الله نار السموم وهي نار لا حر لها ولا دخان ، ثم خلق الله منها الجان فذلك قوله [٥] : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) (٢٧) [٦] ، قال : فخلقه الله خلقا عظيما وسماه مارجا [٧] ، وخلق منه زوجه وسماها مرجة ، فواقعها فولدت الجان ، وولد للجان ولد فسماه الجن ، فمنه تفرعت قبائل الجن ومنهم : إبليس اللعين وكان يلد من الجان ، الذكر والأنثى ، ومن الجن كذلك توأمين ، فصاروا سبعين ألفا ، وتوالدوا حتى بلغوا عدد الرمل ، وتزوج [٨] إبليس امرأة من ولد الجان وكثر أولاده وانتشروا حتى امتلأت الأقطار منهم ، وأسكن [٩] الله الجان في الهواء وإبليس وأولاده في سماء الدنيا وأمرهم بالعبادة والطاعة ، وكانت السماء تفتخر على الأرض بأن الله رفعها وجعل فيها ما لم يكن في الأرض.
فشكت الأرض إلى الله [١٠] الوحشة إذ ليس على ظهرها خلق يذكر الله فنوديت الأرض [١١] : اسكني فإني خالق من أديمك صورة لا مثل لها في الجن ، وأرزقها العقل واللسان ، وأعلمها من علمي ، وأنزل عليها من كلامي ما أملأ منه [١٢] بطنك وظهرك وشرقك وغربك على مزاج تربتك في الألوان والخيرية والشريّة فافتخري يا أرض على السماء بذلك. فاستقرت الأرض وهي مع ذلك بيضاء نقية كأنها الفضة
[١] ذكر الجن والجان ... وعبادة إبليس أ ب ج د : ـ ه.
[٢] وهب بن منبه : أبو عبد الله وهب بن منبه اليماني ، ولد في آخر خلافة عثمان ، وهو صاحب الأخبار والقصص ، وكانت له معرفة بأخبار الأوائل وهو من علماء التابعين ، له كتاب : الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم وقصصهم وأسفارهم ، وكان يكثر النقل عن الإسرائيليات ، توفي سنة (١١٦ ه / ٧٣٤ م) ، ينظر : ابن سعد ٥ / ٣٩٥ ؛ ياقوت ، معجم الأدباء ١٩ / ٢٥٩ ؛ ابن خلكان ٦ / ٧٥ ؛ الذهبي ، تذكرة ٤ / ٣٥٢.