مجلس وعظ يذكر فيه فضائل بيت المقدس وما حل بالمسلمين من تسليمه إلى الفرنج ففعل ذلك ، فكان مجلسا عظيما ومن جملة ما أنشد قصيدة تائية ضمنها فضل بيت المقدس منها :
مدارس آيات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
وارتفع بكاء الناس وضجيجهم لذلك ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولما عقد الملك الكامل الهدنة مع الإنبرطون وخلا سره من جهة الفرنج سار إلى دمشق فوصل إليها في جمادى الأولى ، واشتد الحصار على دمشق ، واستولى عليها الملك الكامل ، وسلمها لأخيه الملك الأشرف موسى ، وعوض الناصر داود عنها الكرك والشوبك والبلقا والصلت والأغوار ، ثم نزل الناصر داود عن الشوبك وسأل عمه في قبولها فقبله.
واستمر الأشرف موسى بدمشق إلى أن توفي / / في المحرم سنة ٦٣٥ ه (١)(٢) ، وتملك دمشق بعده أخوه الملك الصالح إسماعيل [٣] بعهد منه.
ثم سار الملك الكامل إلى دمشق ومعه الناصر داود صاحب الكرك ونزلا عليهما في جمادى الأولى من هذه السنة وحصلت أمور ووقائع ، ثم سلم الصالح إسماعيل دمشق إلى أخيه الكامل لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى وتعوض عنها بعلبك [٤]
ولم يلبث الكامل غير أيام حتى مرض واشتد مرضه ، ومات لتسع بقين من رجب سنة ٦٣٥ ه [٥] ، وعمره نحو ستين سنة ، وكانت مدة ملكه مصر من حين مات والده عشرين سنة ، وكان ملكا مهيبا [٦] ، حسن التدبير ، يحب العلماء
[٢] سنة ٦٣٥ أ ه : سنة خمس وثلاثين وستمائة ب ج : ـ د.
[٣] الصالح عماد الدين إسماعيل الأيوبي أبو الخيش بن العادل محمد أبي بكر بن أيوب ، تسلطن سنة ٦٣٥ ه / ١٢٣٧ م ، وسلم قلعة شقيف للفرنج سنة ٦٣٨ ه / ١٢٤٠ م ، وقتل في مصر سنة ٦٤٨ ه / ١٢٥٠ م ، ينظر : أبو شامة ، الذيل ١٦٥ ؛ ابن واصل ٥ / ١٤٧ ؛ الذهبي ، سير ٢٢ / ١٣٤ ؛ ابن الوردي ٢ / ٢٧٠ ؛ ابن العماد ٥ / ٢٤١ ؛ الزبيدي ٥٠.