لما دخلت سنة ٦٢٦ ه [٢] استهلت وملوك بني أيوب متفرقون مختلفون قد صاروا أحزابا بعد أن كانوا إخوانا وأصحابا ، فقوي الفرنج بذلك وبموت المعظم عيسى وبمن [٣] وفد إليهم من البحر ، وكان الملك الكامل قد عزم [٤] على انتزاع دمشق من ابن أخيه الناصر داود وسير الملك الكامل أخاه الملك الأشرف [٥] لحصار دمشق ، والكامل مشتغل بمراسلة الإنبرطون.
ولما طال الأمر ولم يجد الكامل بدا من المهادنة أجاب الإنبرطون إلى تسليم القدس إليه على أن تستمر أسواره خرابا ولا يعمره الفرنج [٦] ولا يتعرضوا لقبة [٧] الصخرة ولا إلى الجامع الأقصى ويكون المرجوع في الرستاق [٨] إلى والي المسلمين ، ويكون لهم من القرى ما هو على الطريق من عكا إلى القدس فقط ، ووقع الأمر على ذلك وتحالفا عليه.
وتسلم الإنبرطون القدس في ربيع الآخر على القاعدة المذكورة ، وعظم ذلك على المسلمين وحصل به وهن شديد وإرجاف بين الناس [٩].
ولما وقع ذلك كان الناصر داود في الحصار لانتزاع دمشق منه فأخذ في التشنيع على عمه الكامل بذلك [١٠] ، وكان بدمشق الشيخ شمس الدين يوسف سبط أبي الفرج الجوزي [١١] وكان واعظا له قبول عند الناس ، فأمره الناصر داود أن يعمل
[١] ينظر : ابن الأثير ، الكامل ٩ / ٣٧٨ ؛ أبو شامة ، الذيل ١٥٤ ؛ ابن واصل ٤ / ٢٤١ ؛ ابن كثير ، البداية ١٣ / ١٢٣ ـ ١٢٤ ؛ المقريزي ، السلوك ١ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ ؛ ابن تغري بردي ، النجوم ٦ / ٢٤١.
[٢] سنة ٦٢٦ أ ه : سنة ست وعشرين وستمائة ب ج : ـ د / / استهلت أ ج ه : واستهلت ب : ـ د.
[١١] سبط ابن الجوزي (قز أوغلي) ٥٨١ ـ ٦٥٤ ه / ١١٨٥ ـ ١٢٥٦ م ، يوسف بن قز أوغلي بن عبد الله أبو المظفر ، شمس الدين ، سبط أبي الفرج بن الفرج بن الجوزي ، مؤرخ من الكتاب الوعاظ ، ولد ونشأ ببغداد وانتقل إلى دمشق واستوطنها ، وتوفي فيها ، من كتبه مرآة الزمان في تاريخ الأعيان ، ينظر : أبو شامة ، الذيل ١٩٥ ؛ ابن الجزري ٢٤٠ ؛ اليافعي ٤ / ١٣٦ ؛ المقريزي ، السلوك ١ / ٥٠٢ ؛ ابن تغري بردي ، النجوم ٧ / ٣٩ ؛ ابن العماد ٥ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧.