فهدم أحدهما وامتنع الآخر ، ونقض أسوار أنطرسوس [١] ، وترك البرج الممتنع ، ورحل العسكر عنها ونزل على مرقية وقد أخلاها أهلها ، وكان الفرنج [٢] قد صنعوا المراكب في البحر ، وسار السلطان بالعسكر. ووقع بين المسلمين والفرنج وقعات وأمور يطول شرحها [٣] ، وقصد جبلة.
أشرف السلطان على جبلة بكرة يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى ، وأحاط [٥] بها العساكر فطلبوا الأمان على أن يعيدوا ما استرهنوه من أنطاكية [٦] من أهلها ويسلموا كل مالهم من سلاح وعدة وخيل [٧].
وكان قاضي جبلة هو المتوسط لهم في أخذ الأمان ، وسلمت إلى المسلمين يوم الخميس ، وأقام السلطان بها أياما يقرر أموره ، وكان يعظم قاضي جبلة وأحسن إليه [٨] ووقف عليه ملكا نفيسا وأقره على ولايته بمنصب القضاء ، وكان حصن [٩] بكرائل قد سلم من قبل.
ورحل السلطان ثالث عشر من جمادى الأولى يوم الأربعاء ، وبات تلك الليلة بالقرب من اللاذقية بجبل عاصم.
[١] انطرسوس : بلد من سواحل الشام من عمل حمص ، حصينة عليها سوران ، وهي مدينة كبيرة كثيرة المتاجر والعمارة والخصب ، ينظر : ياقوت ، معجم البلدان ٤ / ٢٨ ؛ البغدادي ، مراصد ١ / ١٢٤ ؛ الحميري ٣٨٨ ـ ٣٨٩.
[٦] أنطاكية : مدينة هي قصبة العواصم من الثغور الشامية ، موصوفة بالتراهة وطيب الهواء وعذوبة الماء وبها كانت مملكة الروم ، ينظر : أبو الفداء ، تقويم ٢٥٥ ؛ البغدادي ، مراصد ١ / ١٢٥ ؛ الحميري ٣٨.
[٧] من سلاح وعده وخيل أ د ه : من السلاح والعدة والخيل ب : ـ ج.