بذلت الأنفس في ثمنه وأمر أمر الحق وكان مستضعفا ، وأهل ربعه ، وكان قد عيف حين عفا ، وجاء أمر الله وأنوف أهل الشرك راغمة ، وأدلجت السيوف إلى الآجال وهي نائمة [١] ، وصدق وعد الله في إظهار دينه على كل دين ، واستطارت له أنوار أبانت أن الصباح عندها حسان الجبين ، واسترد المسلمون تراثا كان عنهم آبقا ، وظفروا يقظة بنا لم يتصدقوا أنهم يظفرون به طيفا على النأي طارقا ، واستقرت على الأعلام أقدامهم ، فخفقت على الأقصى أعلامهم ، وتلاقت [٢] على الصخرة قلوبهم ، وشفيت بها وإن كانت صخرة كما يشفي بالماء غليلهم ، ولما قدم الدين عليها عرق منها سويداء قلبه وهنا كفؤها الحجر الأسود بيت عصمتها من الكافر بحربه ، وكان الخادم لا يسعى بسعيه [٣] إلا لهذه العظمى ، ولا يقاسي البؤس إلا رجاء هذه النعمى ولا يحارب من يستظلمه في حربه ولا يعاقب بأطراف القنا من يتفادى [٤] في عتبه إلا لتكون الكلمة مجموعة فتكون كلمة الله هي العليا ، وليفوز بجوهر الآخرة لا بالعرض الأدنى من الدنيا ، / / وكانت الألسن ربما سلقته فأنضج قلوبها بالاحتقار ، وكانت الخواطر ربما غلت عليه مراجلها فأطفأها بالاحتمال والاصطبار ، ومن طلب خطيرا [٥] خاطر ، ومن رام صفعة رابحة جاسر ، ومن سما لأن يجلي غمرة غامر ، وإلا فإن العقود تلين تحت نيوب الأعداء المعاجم ، فيعظها وتضعف في أيديها مهز القوائم فيفضها هذا إلى كون القعود لا يقضي به فرض الله في الجهاد ، ولا يراعي به حق الله في العباد ، ولا يوفي به واجب التقليد الذي تطوقه الخادم من أئمة قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون ، وخلفاء الله كانوا في مثل هذا اليوم لله يسألون ، لا جرم أنهم أورثوا أسرارهم وسريرهم خلفهم الأطهر ، ونجلهم الأكبر ، وبقيتهم الشريفة ، وطليعتهم المنيفة وعنوان صحيفة فضلهم لا عدم سواد القلم وبياض الصحيفة ، فما غابوا لما حضر ولا غضوا لما نظر بل وصلهم الأجر لما كان به موصولا ، وشاطروه العمل لما كان عنه مسؤولا ومنه مقبولا ، وخلص إليهم إلى المضاجع ما اطمأنت به جنوبها ، وإلى الصفائح ما عبقت به جيوبها ، وفاز منها بذكر لا يزال الليل به سميرا ، والنهار به بصيرا والشرق يهتدي بأنواره ، بل إن أبدى نورا في ذاته هتف به الغرب بأنواره فإنه نور لا تكفه أغساق السدف [٦] ، وذكر لا توازيه أوراق الصحف ، وكتب