ثم شرع في الخطبة فقال : الحمد لله معز الإسلام بنصره ، ومذل الكفر [٤] بقهره ، ومصرف الأمور بأمره ، ومديم النعم بشكره ، ومستدرج الكفار بمكره الذي قدر الأيام دولا بعدله ، وجعل العاقبة للمتقين بفضله ، وأفاء على عباده من ظله ، وأظهر دينه على الدين كله ، القاهر فوق عباده لا يمانع ، والظاهر على خليقته فلا ينازع ، والآمر بما يشاء فلا يراجع ، والحاكم بما يريد فلا يدافع ، أحمده على إظهاره [٥] وإظفاره ، وإعزازه لأوليائه ونصره لأنصاره ، وتطهيره لبيته المقدس [٦] من أدناس الشرك وأوضاره ، حمد من استشعر الحمد باطن سره وظاهر جهاره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، شهادة من طهر بالتوحيد قلبه ، وأرضى به ربه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رافع الشك ، وداحض الشرك ، ورافض الإفك ، الذي أسري به ليلا من المسجد الحرام إلى هذا المسجد الأقصى ، وعرج به منه إلى السماوات العلا (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧))[٧]6 وعلى خليفته أبي بكر الصديق السابق إلى الإيمان ، وعلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، أول من رفع عن هذا البيت شعار [٨] الصلبان وعلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، ذو النورين جامع القرآن ، وعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، مزلزل الشرك ومكسر الأوثان ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.