مدينة لطيفة على الساحل بها أنهار وأشجار ، فجاءت رسل صاحبها بمفاتيحها ، وقد أخلاها وتسلمها السلطان ، ونصبت عليها رايات الإسلام [١] ، وأقيمت بها الجمعة والجماعة.
ثم سار السلطان إلى بيروت وكان النزول عليها يوم الخميس ثاني عشر من جمادى الأولى ، ووقع القتال واشتد ، ثم نقب السور حتى كاد يقع البرج ، وضاق الأمر بهم ، فطلبوا الأمان وأن يكتب لهم السلطان مثالا بذلك ، فكتب لهم وأمنهم ، وتسلم السلطان بيروت يوم الخميس التاسع والعشرين من جمادى الأولى.
ولما كان السلطان على بيروت وصل إليه كتاب الصفي بن القابض من دمشق يتضمن أن أود [٤] صاحب جبيل أذعن بتسليمها ويطلق ، فرسم السلطان بإحضاره وهو مقيد ، فأحضر بين يديه ، وسمح بتسليم بلده ، وتسلمها السلطان وأطلقه [٥] ، ولم تكن عاقبة إطلاقه حميدة ، فإنه كان من أعظم الفرنج أشدهم عداوة ، وكان معظم أهل صيدا وبيروت وجبيل مسلمين ، وكانوا في ذل كبير من الفرنج. ففرج الله عنهم.
وكان تسليم جبيل في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى والسلطان يومئذ على بيروت ، وكان كل من استأمن من الكفار مضى إلى صور ، وصارت منزلتهم وهي التي فر القمص إليها يوم كسرتهم على حطين.