واحد إلى أن ملك طيطوس (١)(٢) الرومي ، وكان محل ملكه مدينة روما من بلاد الفرنج ففي السنة الأولى من ملكه ، قصد بيت المقدس ، وأوقع باليهود ، فقتلهم [٣] وأسرهم عن آخرهم إلا من اختفى ، ونهب القدس وخربه ، وأحرق الهيكل وأحرق كتبهم ، وأخلى [٤] القدس من بني إسرائيل : (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ)[٥] ، ولم يعد لهم بعد ذلك رئاسة ولا حكم.
وكان ذلك بعد رفع المسيح بنحو أربعين سنة كما تقدم وهو لمضي ثلاثمائة وست وسبعين سنة من غلبة الإسكندر ولثمانمائة وإحدى عشرة سنة مضت لابتداء ملك بخت نصر. وهذه المرة التي ذكرها الله تعالى في القرآن العظيم [٦] ، فقال : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ)[٧] من إفسادكم وذلك قصدهم قتل عيسى ، 7 ، حين رفع ، وقتلهم يحيى ، 7 ، فسلط الله [٨] عليهم الفرس والروم وخردوش وطيطوش حتى قتلوهم وسبوهم ونفوهم عن ديارهم فذلك قوله تعالى : (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) ـ بإدخال الهم والغم والحزن ـ (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧) عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ)[٩] ، بعد انتقامه منكم فيرد الدولة إليكم وإن عدتم إلى المعصية عدنا إلى العقوبة. قال قتادة : فعادوا ، فبعث الله محمدا ، 6 ، فهم يعطون / / الجزية عن يد وهم صاغرون. وبين مدة التخريب [١٠][٤٠ / ب] الثاني والهجرة الشريفة خمسمائة وثمان وخمسون سنة بالتقريب ، فيكون الماضي من خراب بيت المقدس الثاني إلى آخر سنة تسعمائة هجرية [١١] ألفا وأربعمائة وثمان وخمسين سنة بالتقريب وهو تاريخ تشتت اليهود إلى البلاد [١٢] ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[١] ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ٦٠٦ ؛ المسعودي ١ / ٣١٣ ؛ ابن الأثير ، الكامل ١ / ١٨٤.