نوح ، 8 ، وكان محل المسجد بين عمران المدينة وهو صعيد واحد والصخرة الشريفة قائمة في وسط حتى بناه داود ، ثم سليمان ، 8.
وكان من خبر ذلك ما روي أن الله ، عز وجل ، لما أوحى إلى سليمان ، 7 ، أن ابن بيت المقدس جمع حكماء الأنس والجن وعفاريت الأرض وعظماء الشياطين وجعل منهم فريقا يبنون ، وفريقا يقطعون الصخور والعمد من معادن الرخام [١] ، وفريقا يغوصون في البحر فيخرجون منه الدر والمرجان [٢] ، وكان في الدر ما هو مثل بيضة النعامة وبيضة الدجاجة ، وأخذ في بناء بيت المقدس وأمر ببناء المدينة بالرخام والصفاح [٣] وجعلها اثني عشر ربضا [٤] ، وأنزل كل ربض منها سبطا من الأسباط ، وكانوا اثني عشر سبطا ، فلما فرغ من بناء المدينة ابتدأ في بناء المسجد ، فلم يثبت البناء ، فأمر بهدمه ثم حفر الأرض [٥] حتى بلغ الماء ، فأسسه على الماء وألقوا فيه الحجارة ، فكان الماء يلفظها فدعا سليمان ، 7 ، الحكماء الأخيار [٦] ورئيسهم آصف بن برخيا واستشارهم فقالوا : إنا نرى أن نتخذ [٧] قلالا من نحاس ثم نملأها حجارة ثم نكتب عليها الكتاب الذي في خاتمك [٨] ثم نلقي القلال في الماء ، وكان الكتاب الذي على الخاتم لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد عبده ورسوله.
ففعلوا فثبتت القلال ، فألقوا المؤن والحجارة عليها ، وبنى حتى ارتفع بناؤه ، وفرق الشياطين في أنواع العمل ، فدأبوا [٩] في عمله وجعل فرقة منهم يقطعون معادن الياقوت والزمرد ويأتون بأنواع الجواهر ، وجعل الشياطين صفا مرصوفا [١٠] من معادن الرخام إلى حائط المسجد ، فإذا قطعوا من المعادن حجرا أو أسطوانة
[١] الرخام : ضرب من الحجارة استخدم في العمارة الإسلامية ، ينظر : ابن منظور ، لسان ١٢ / ٢٣٤ ؛ المعجم الوسيط ١ / ٣٤٩ ؛ بعلبكي ١ / ٥٣٧ ؛ غالب ١٩٩.