ولما صار لداود ٥٨ سنة ، وهي السنة الثانية والعشرين من ملكه ، كانت قصته مع أوريا وزوجته ، وهي واقعة مشهورة ، وملخصها ما نقله المفسرون في قوله تعالى : (* وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) (٢١) [٢] هذه الآية من قصة امتحان داود ، 7 ، واختلف العلماء بأخبار الأنبياء في سببه فقال قوم : كان سبب ذلك أنه تمنى يوما من الأيام منزلة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، وسأل [٣] ربه أن يمتحنه كما امتحنهم ، ويعطيه من الفضل ما أعطاهم ، فروي أن داود كان قد قسم الدهر ثلاثة أيام [٤] يوما يقضي فيه بين الناس ، ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ، ويوما لنسائه وأشغاله.
وكان يجد فيما يقرأ من الكتب المتقدمة [٥] فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقال : يا رب أرني الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي ، فأوحى الله إليه : أنهم ابتلوا ببلايا لم تبتل بها [٦] ، فصبروا عليها ، ابتلي إبراهيم بنمروذ [٧] وبذبح ابنه ، وابتلى إسحاق بالذبح وذهاب بصره ، وابتلي يعقوب بالحزن وذهاب بصره [٨] على فقد ولده يوسف ، فقال : رب لو ابتليتني بمثل ما ابتليتهم صبرت [٩] أيضا ، فأوحى الله إليه : إني مبتليك في شهر كذا في يوم كذا فاحترس.
فلما كان ذلك اليوم الذي وعد [١٠] الله ، عز وجل ، دخل داود محرابه وغلّق بابه [١١] ، وجعل يصلي ويقرأ الزبور ، فبينما هو كذلك إذ جاء الشيطان قد تمثل [١٢]
[١] هذه القصة من الإسرائيليات التي دخلت كتب التفسير والتي تسيء للنبي داود وتتهمه بالقتل من أجل امرأة ، ينظر : السيوطي ، الدر ٥ / ٣٠٠ ؛ أبو شهبة ٢٦٦.