ثم أوحى الله [٣] أن يسير بهم إلى الأرض المقدسة ، فإذا أردتم دخولها فلا تدخلوا [٤] إلا ساجدين شاكرين بربكم على تبليغكم إياها ، فقاتلوا الجبارين وجاهدوهم ، فاستثقلوا ذلك [٥] ، واستبعدوا الأرض المقدسة ، واختاروا أيام فرعون على هذه الأيام.
فأوحى الله إلى موسى : إني ممطر عليهم المن وأمرت [٦] الريح أن تأتيهم بالسلوى ، والحجر أن ينفجر لهم بماء عذب ، والغمام [٧] أن يسير معهم ، وأخفافهم أن لا تنثقب ، وثيابهم تكون [٨] بقدر صغارهم وكبارهم ، فلما سمعوا ذلك طابت نفوسهم وساروا والأمر على ذلك.
ثم اختار موسى اثني عشر رجلا بإذن الله تعالى ووجههم إلى أريحا [٩] ، مدينة الجبارين [١٠] ، ليأتوه بخبرها وصفة أهلها ، فخرجوا ومعهم يوشع بن نون ، فلما قربوا من المدينة استقبلهم رجل من الجبارين ، فساقهم بين يديه إلى أريحا ، فاجتمعوا عليهم يتعجبون من ضعف أبدانهم ، وقالوا : هؤلاء الذين يزعمون أنهم يخرجونا [١١] من مدينتنا ، وهموا بقتلهم ، ثم اقتضى رأيهم أن يدعوهم ليكونوا عبيدا لهم ، فلما أقبل الليل هربوا على وجوههم حتى صاروا [١٢] إلى عسكر بني إسرائيل ، وأخبروهم بذلك.
وهم يعلمون أ : يحرفون الكلم من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ج د ه.
[١] الجبارون : هم العماليق الذين سكنوا جنوبي فلسطين ، وأرض التيه بين أيلة ومصر وبحر القلزم «البحر الأحمر» وجبال السراة ، من أرض الشام ، ينظر : الطبري ، تاريخ ١ / ٢٩ ؛ الثعلبي ١٣٣ ؛ ابن الأثير ، الكامل ١ / ١١٠ ، النجار ٢٢٧.
[٨] تكون أ ب ج ه : ـ د / / أن لا تنثقب أ : لا تنثقب ب ج د ه.
[٩] أريحا : مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن بالشام ، سميت باسم أريحا بن مالك بن أرفشخذ بن سام بن نوح ، ينظر : الحموي ، معجم البلدان ١ / ١٩٦ ؛ أبو الفداء ، تقويم ٢٣٤ ؛ شراب ١١١.