حتى إذا ما بلغ العاشرة [٢] من عمره ، أتم حفظ القرآن ، وأخذ بتلك الإجازة ، واستمر عالمنا في طلب العلم والاجتهاد ، ويعود الفضل في ذلك إلى أصدقاء والده من العلماء والقراء والمحدثين الذين أولوا عبد الرحمن عنايتهم الفائقة ، فحصل على إجازة في الحديث وله من العمر أحد عشر عاما [٣] ، وفي سن الثانية عشرة ، نراه يحضر ختم «صحيح البخاري» في الصخرة الشريفة ، ويأخذ إجازة أخرى بذلك [٤].
واصل عبد الرحمن في الارتقاء فبعد إجازته في العربية والقرآن الكريم والحديث انتقل إلى الفقه ليأخذ أكثر من إجازة ، وهو في الثالثة عشرة [٥].
ورغم وفاة والده سنة (٨٧٣ ه / ١٤٦٨ م) إلا أن عناية الله ، ثم عناية أصدقاء والده به ، جعلت العليمي يستمر في طريقه.
[١ : ٣] شيوخه :
إن عالما حافظا كالعليمي ، رحمه الله ، اشتغل في طلب العلم قبل الخامسة من عمره ، وأكثر من الرحلات في طلبه قاصدا خيرة شيوخ عصره متلقيا عنهم سماعا وقراءة حتى كون شخصية متعددة الجوانب ، ضاربة جذورها في كل فن وعلم كالتفسير ، والحديث ، واللغة ، والتاريخ ، لا بد أن يكثر شيوخه تبعا لتلك الروافد كي ينهل من بحار علمهم خاصة أن الفترة المملوكية المتأخرة كانت تزخر بالعلماء في مجالات العلوم المختلفة.
أما أشهر شيوخ العليمي فهم :
١ ـ الشيخ تقي الدين عبد الله بن إسماعيل القرقشندي [٦] :
هو شيخ الإسلام تقي الدين أبو بكر عبد الله بن شيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بن الشيخ العلامة تقي الدين إسماعيل القرقشندي ، ولد بالقدس سنة (٧٨٣ ه / ١٣٨١ م) ، اشتغل في صغره على والده وغيره ، كما أخذ العربية
[١] هي قراءة عاصم بن أبي النجود ، وهي إحدى قراءات أهل الكوفة ينظر : ابن قتيبة ، المعارف ٢٩٥ ؛ ابن النديم ٤٧ ؛ البستاني ٧ / ١٦٩٥.