بل فعل مطلق ما يوجب الخوف نوعا إنذار حقيقة ، فعلى هذا لو سلّمنا أنّ المراد بالانذار والحذر به في الآية التخويف والتخوف فنقول : لا ريب أنّه إذا أخبر المخبر بحكم من الأحكام في مقام التخويف وإن شئت فافرضه بقصد التخويف أيضا ، فيصدق عليه الانذار حقيقة فيجب الحذر منه والعمل به بمقتضى مدلول الآية ، ويتم في الباقي بعدم القول بالفصل ، فإذن هذا الجواب الثالث ساقط من أصله ، وستعرف وجه دفع ما وجهه المصنف في تقرير الجواب.
قوله : توضيح ذلك أنّ المنذر إما أن ينذر ويخوّف على وجه الافتاء ، إلى آخره [١].
(١) لا نعرف الفرق بين الانذار على وجه الافتاء والانذار على وجه الحكاية لقول الحجة بعد ما عرفت من معنى الانذار وأنّه إيجاد ما يوجب الخوف من قول أو فعل ، ولا دخل لاعتقاد المنذر فيما يقول وعدمه في صدق الانذار والتخويف ، فربما لا يعتقد المنذر ما يقوله ويحصل به الانذار والتخويف لو اعتقده المنذر بالفتح ، بل إذا لم يعتقد أيضا مع احتمال صدق المخبر.
وبالجملة : لا كرامة في هذا التشقيق لأنّا ندعي ظهور الآية في وجوب الحذر عن كلّ إنذار ، وبعبارة أخرى وجوب العمل بقول كل من ينذر ويخوّف فيما ينذر ويخوّف سواء قصد الانذار أم لا وسواء كان معتقدا بما ينذر ويخوّف أم لا ، وحكاية قول الحجة على أيّ وجه كان إنذار يجب الحذر والعمل بها وهو المدّعى.