وأما المقام الثاني ، فقد تقدّم جواز ترخيص الشارع مخالفة المعلوم التفصيلي ومنع العمل به ببيان مستوفى ، فالمعلوم بالإجمال أولى بذلك لأنّه مشوب بالجهل ، فيجوز أن يكون شوبه بالجهل حكمة للإذن بالمخالفة ، وقد تقدّم أيضا جواب ما أورده المصنف (قدسسره) من لزوم التناقض بين جعل الحكم الواقعي غير مقيّد بالعلم وبين الترخيص المذكور ، فراجع.
وأما المقام الثالث ، فقد يقال : بأنّ أكثر الأدلة النقلية على أصالة البراءة أو جميعها شاملة للمقام ، فإنّ كل واحد من أطراف المعلوم بالإجمال شيء حجب الله علمه فهو موضوع بمقتضى قوله (عليهالسلام) : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» [١] وكذا قوله (عليهالسلام) : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» [٢] شامل لما نحن فيه وهكذا ، إلّا أنّ المصنف (قدسسره) ذكر في رسالة أصل البراءة من أخبار الباب في الاستدلال على مقامنا هذا خصوص خبر «كل شيء لك حلال حتى تعرف أنّه حرام بعينه» [٣] وخبر «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» [٤] فإنّ مفادهما مما يشمل أطراف المعلوم بالإجمال بإطلاقه كما أنّه يشمل الشبهة البدوية ، ثم أجاب بأنّ مثل هذه الأخبار كما تدل على حلّية كل واحد من المشتبهين كذلك تدل على حرمة ذلك المعلوم إجمالا لأنّه أيضا شيء علم حرمته ، ثم أورد ; على نفسه بأنّ غاية الحلّ معرفة الحرام بشخصه ولم يتحقق في المعلوم الإجمالي ، ثم أجاب عنه بقوله : قلت : أما قوله (عليه