لنا: الأصل، وتبادر الحسّي من إطلاق التغيير، وصحّة
السلب عن غيره. فإنّ التغيير حقيقةً هو انتقال الشيء من صفة إلى
غيرها، وهذا منتف مع التقدير; لأنّ الصفات الثلاث من شأنها أن تدرك بالحسّ
مع سلامة الحاسّة، وانتفاء المانع، فعدم الإحساس بها مع وجود الشرائط دليل
على انتفائها في الواقع، فينتفي الحكمالمنوط بها.
وأيضاً فاعتبار التقدير في مسلوب الصفة يقتضي اعتباره في فاقدها،
وفي الواجد الضعيف منها، واعتباره في النجاسة يقتضي اعتباره في الماء أيضاً،
فيجب تقديره وسطاً في العذوبة والملوحة والرقّة والغلظة، فإنّ لها أثراً بيّناً
في قبول التغيير وعدمه، والأوّلان[1] باطلان بالإجماع،
وكذا الثالث[2]; فإنّ الظاهر من كلام القائلين
بالتقدير اعتباره في النجاسة خاصّة دون الماء، وإن احتمله بعض المتأخّرين[3]
تفريعاً على هذا القول.
أدلّة القول باعتبار التغيير
التقديري:
احتجّوا[4]: بأنّ التغيير الذي هو مناط التنجيس دائر مع
الأوصاف، فإذا فقدت وجب تقديرها.
وأنّ المقهوريّة متحقّقة مع التقدير; فإنّ الماء كلَّما لم يصر
مقهوراً بالنجاسة لميتغيّر
[1]. أي : اعتبار التقدير في فاقد الصفة
والواجد الضعيف منها.
[3]. هو السيّد السند في مدارك الأحكام 1 : 30 ;
فإنّه بعد ذكر القول باعتبار التغيير الحسّي وأدلّة الطرفين، فرّع عليه قول
المحقّق الكركي في اعتبار أوصاف الماء وسطاً .