وثانياً: بأنّ الجريان إنّما اعتبر فيها تبعاً للسؤال; فإنّه قد أُخذ فيه
ذلك صريحاً.
وثالثاً: بأنّ الظاهر من قوله 7: «إذا جرى به المطر
فلا بأس»، اشتراط جريان المطر بما في المكان من العذرة، وليس ذلك شرطاً في
الطهارة إجماعاً; إذ غاية الأمر اشتراط الجريان في المكان، وأمّا
الجريان بما فيه فلا.
وأمّا روايته الثالثة[1]: فلا دلالة فيها على الاشتراط بوجه; فإنّ المراد
من قوله: «إذا جرى من ماء المطر فلا بأس»، نفي
البأس عمّـا يصيب الثوب من ماء المطر، والغرض الاحتراز عن إصابة ما في
الكنيف، فهي في الحقيقة من دلائل المشهور.
حجّة القول باعتبار الكثرة، الجواب
عنها:
احتجّ من قال باعتبار الكثرة: بما رواه الصدوق في الفقيه، عن هشام
بن سالم، أنّه سأل أبا عبد الله 7 عن السطح يبال
عليه، فتصيبه السماء، فيكفُ، فيصيب الثوب،
فقال: «لا بأس به، ما أصابه من الماء أكثر منه»[2].
فإنّ قوله 7: «ما أصابه من الماء أكثر
منه» بمنزلة التعليل لنفي البأس، فيفهم منه ثبوته إذا لم يكن
كذلك.
والجواب عنه: أمّا أوّلا: فبأنّ المراد بالأكثريّة هنا القهر
والغلبة، دون الكثرة المقداريّة، فإنّ البول الجافّ لا مقدار
له.
وأمّا ثانياً: فبأنّ أكثريّة الماء بالقياس إلى البول لا
يقتضي تحقّق الجريان فيه; إذ ربما لم يجر، وهو أكثر منه.
وأمّا ثالثاً: فباحتمال رجوع الضمير في قوله:
«ما أصابه» إلى الثوب، والمعنى: