وجعْل هذا الاختلاف نظير الاختلاف في أخبار
البئر لا يخفى فساده على من تأمّل في الموضعين، وأمعن النظر في أخبار المسألتين.
وثالثاً: أنّ روايات الكرّ وإن توهّم منها المنافاة في بادئ
النظر، إلاّ أنّها متطابقة غاية الانطباق، بحيث يرتفع الاختلاف.
المقام الثاني: في ذكر ما رجّح به العمل بروايات
الطهارة
وإيراد ما رام به التوفيق بينها وبين أخبار
النجاسة.
ومرجعه إلى وجوه ثلاثة:
أحدها: أنّ ما يدلّ على المشهور إنّمايدلّ بالمفهوم، والمفهوم
لا يعارض المنطوق، ولا الظاهر النصّ[1].
وقال في موضع آخر: «والأكثر على نجاسة ما دون
الكرّ بمجرّد الملاقاة; لمفهوم الصحيحين: «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء»[2]،
ولظاهر الآخرين[3]. والمفهوم لايعارض المنطوق، ولا الظاهر
النصّ»[4].
ثانيها: الحمل على التنزّه واستحباب الاجتناب، أو التفصيل
بالاختيار والاضطرار.
قال في الوافي: «باب ما يستحبّ التنزّه عنه في
رفع الحدث والشرب وما لا
بأس به»[5].
[1]. هذه العبارة كلام المحدّث البحراني في
الحدائق الناضرة 1 : 303 ، ولم نجدها بهذا اللفظ في المفاتيح
ولا الوافي .
[2]. تقدّم تخريجهما في الهامش 3 و 4 من الصفحة
91 .
[3]. أي صحيحة فضل بن عبدالملك وصحيحة عليّ بن
جعفر ، وقد تقدّمتا في الصفحة 104 و 105 .