وإن أراد بذلك أنّ اشتراط الكرّ ممّـا يثير الوسواس ويصير سبباً لحصوله،
وأنّ ذلك دليل على انتفاء التكليف من أصله: فهو ظاهر البطلان; لأنّ حصول الوسواس
لبعض الناس بالنسبة إلى بعض التكاليف لا يوجب انتفاء التكليف رأساً، وذلك واضح
جدّاً.
وثالثاً: أنّ قلّة المياه الجارية[1]،
وكذا الراكدة الكثيرة في تلك المواضع لا يقتضي حصول وقائع في الطهارات، ولا السؤال
عن حفظ المياه من النجاسات; لجواز معلوميّة الحكم بالنجاسة لهم بوضع قانون كلّي
يرجع إليه عند الحاجة، فيستغني بذلك عن السؤال عن خصوصيات القضايا السانحة.
ولو سلّم، فالاحتياج إلى الواقعة النبويّة إنّما يكون مع الجهل بالحكم الشرعيّ
في المسألة المخصوصة; إذ مع العلم لا يحتاج إلى السؤال أصلا حتّى يتحقّق الواقعة
النبويّة. فالوجه في حصول الوقائع النبويّة إنّما هو الجهل بالحكم الشرعيّ، فعدم تحقّقها
إنّما يدلّ على حصول العلم بالمسألة. وأمّا خصوصيّة الطهارة أو النجاسة
فلايعلم من ذلك قطعاً.
وقوله: «وكانت أواني مياههم يتعاطونها الصبيان والإماء...»
إلى آخره[2]،
ففيه: أنّ تعاطي الصبيان وكذا الإماء الذين لا يتحرّزون عن النجاسات لأوانيهم لا
يوجب نجاسة الماء; لعدم العلم بوصول النجاسة. ولا اعتبار بالظنون في هذا الباب;
لأصالة الطهارة، لما روي في عدّة طرق عنهم:: «أنّ الماء كلّه طاهر
حتّى تعلم أنّه قذر»[3]،
[3]. الكافي 3 : 1 باب طهور
الماء ، الحديث 2 و 3 ، وفيه : «حتّى يُعلَم» ، التهذيب
1 : 228 / 619 و 620
و 621 ، باب المياه
وأحكامها ، الأحاديث : 2 و 3 و 4 ، وسائل الشيعة 1 :
134 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 1، الحديث
5 .