في المطلوب، وكونها أكثر منها عدداً، وبلوغها من الكثرة حدّاً ادّعى معه
بعض الأصحاب تواترها معنىً^ ، ولاعتضادها بموافقة البراءة اليقينية، وطريقة
الاحتياط، وظاهر قوله تعالى: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)[1]; فإنّ المراد من «الرجز» هنا هو الخبث، كما ورد
عن أئمّتنا: في تفسيره[2]، ويؤيّده
قراءة الضمّ[3]. والخَبَث هو: ما تستقذره الطباع السليمة،
وليس له سوى ذلك حدّ يعرف به. ولا ريب في استقذار الطبع للماء القليل الملاقي
للنجاسة، ولا سيّما في بعض الموارد.
وكذا ظاهر قوله تعالى: ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)[4]; فإنّ الماء القليل الملاقي مندرج تحت
العموم، والتحريم هنا يتوجّه إلى شربه; لأنّه المفهوم عرفاً، وحرمة الشرب
تستلزم النجاسة; إذ لا قائل بالفصل.
حمل
أخبار عدم الانفعال علي التقيّة:
ومع ذلك، فهي لا تنهض لمعارضة الأخبار المتواترة
المطابقة لعمل الطائفة قديماً وحديثاً، والإجماعات المنقولة عن أساطين الفقه ورؤساء
المذهب[5]،
كما علم ممّـا
^. جاء
في حاشية «د» و «ل» و «ش»: «ممّن صرّح بذلك: المحقّق الشيخ حسن ـ
طاب ثراه ـ في المعالم[6]،
وجدّي المحدّث الكبير في شرحه على الفقيه[7]» منه (قدس
سره).
[6]. معالم الدين (قسم الفقه)،
1 : 126 . قال فيه: «وفي معنى هذه الأخبار روايات أُخر كادت في
الكثرة أن تبلغ حدّ التواتر المعنوي، وإن كان الغالب عليها ضعف الإسناد» .