اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 84
و قال له رجل كان يصحبه يوما: لي إليك حاجة،
فقال له بعد الجهد به:
حاجتك مقضية، قال: إن كان لك شهوة أخبرني بها، قال: نعم، أشتهي أن
آكل رأسا، قال: فاشتريت له رأسين و لففتهما في رقاق[1]،
و جئته بهما، ثم سألته بعد أيام: هل طاب لك الرأسان؟ قال: لا، ما هو إلا أن
فتحتهما، فإذا هما محشوّان دودا، ليس فيهما البتّة لحم إلا الدود، فأتيت الرّآس[2] فأخبرته، فأطرق متعجبا ثم قال: ما
ظننت أنّ في زماننا أحدا يحمى عن الحرام هذه الحماية، تلك الرءوس كانت من غنم،
انتهبها بعض العمّال.
ثم أعطاني رأسين من غير تلك الغنم، فأتيت بهما أبا عقال، فأكلهما
فأخبرته بما قال الرّآس، فبكى، ثم قال: يا رب، ما كان يستحقّ عبدك أبو عقال مثل
هذه الحماية، و لكنه يا رب فضلك و كرمك، فلك عليّ يا رب ألّا آكل طعاما بشهوة
أشتهيها حتى ألقاك، إن شاء الله تعالى.
و كانت له أخت متعبدة، فلما مات لحقت قبره بمكة، و بكت عليه، و كتبت
عليه هذه الأبيات: