responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 535

الباب الرابع و الستون مشتمل على حكم منثورة[1]

اعلم أيّها المريد: أن الله تعالى يمتحن أنبياءه و أصفياءه بأعدائه، و يضطرّ أولياءه و أحبّاءه إلى أعدائه، رفعة و تقريبا لأنبيائه، و تمحيصا لهفوات أوليائه، و ذخرا لهم عنده و زلفى لديه، تعظيما لأقدارهم، و تشريفا لمنازلهم، و ترفيعا لدرجاتهم.

قال الله سبحانه و تعالى- تعزية لنبيّه محمد صلى اللّه عليه و سلم لعظيم ما كان يلقاه من سطوات أعدائه-: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى‌ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام: 112]. و قال تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ‌ [الفرقان: 31] يا محمد: لا تستوحش منّا، و لا تتّهمنا فى سيرتنا فيمن نحبّه و يحبّنا، فالبلاء على وجهين: أحدهما كفّارة[2] لذنب، و الآخر رفع درجة و توفير أجر. و لذلك كان أشدّ الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، فالبلاء بلاءان: بلاء رحمة: لتضعيف درجة و تمحيص سيئة، و بلوغ فضيلة و علو منزلة، و بلاء عقوبة: لانتهاك حرمة، و اقتراف معصية.

لن تخلو المكاره أن تكون لحادث رحمة، فلا رغبة عمّا أنعم الله به منها، أو لسيئة عن إضاعة فلا غنى عن زاجر عنها، فلأىّ ذلك كان حلولها، عظمت به المنّة، و وجبت لله به النّعمة.

و كان جعفر بن محمد[3] رضى الله عنه، إذا وقع فى شي‌ء يكرهه يقول:

«اللهم اجعله أدبا و لا تجعله غضبا».

و فى الحديث عن النبى صلى اللّه عليه و سلم: «لو كان المؤمن فى رأس جبل لقيّض الله له من يؤذيه»[4] يا من ضاق صدره، و حرج قلبه، و ساء خلقه، من عدوّ أقلقه،


[1] - في( خ) مشتمل على حكم منثورة و أحاديث مشهورة، و هو الفصل الخامس من الباب 63.

[2] - سقطت كلمة( كفارة) من( ط).

[3] - هو جعفر الصادق. سبقت ترجمته.

[4] - قال العجلونى فى كشف الخفاء رقم( 2117) رواه الديلمى بلا سند عن انس مرفوعا، و قال السيوطى: رواه الطبرانى فى الأوسط و البيهقى عن أنس بلفظ:( لو كان المؤمن فى جحر ضب لقيّض الله له من يؤذيه) و قال حديث ضعيف( الجامع الصغير رقم 7467، 7468).

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 535
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست