اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 506
و قال ابن لقمان لأبيه: ما الدّاء العياء[1]؟ قال: رعونة[2]
مولودة. قال:
فما الجرح الدّوي[3]؟ قال:
المرأة السوء، قال: فما الحمل الثقيل؟ قال:
الغضب. و لما قرأ هذه الحكاية أبو عبّاد الكاتب- و كان ظريفا فى
أخباره- قال: و الله، الغضب أخفّ عليّ من ريشة- و كان أسرع الناس غضبا- فقيل له:
إنما عنى لقمان: أن احتمال الغضب ثقيل، فقال: لا و الله، لا يقوى على
احتمال الغضب إلا الجمل. و غضب يوما على بعض أصحابه، فرماه بدواة، فشجه، فجعل الدم
يسيل فقال أبو عبّاد: صدق الله العظيم حيث قال:
«وَ إِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ»[4] فاستدعاه المأمون[5] و قال:
ويحك، لا تحسن أن تقرأ آية من كتاب الله تعالى؟ قال: بلى و الله يا أمير المؤمنين،
إنى لأقرأ من سورة واحدة ألف آية، فضحك المأمون و أمر بإخراجه.
و قيل لأنوشروان: ما العقل؟ قال: القصد[6]
فى كل الأمور. قيل: فما المروءة؟ قال: ترك الرّيبة، قيل فما السخاء؟ قال: أن تنصف
من نفسك.
قيل: فما الحمق؟ قال: الإغراق فى الذّمّ و المدح.
و قيل لبعض الحكماء؟ ما الحزم؟ قال: سوء الظن. و قال بعضهم فى قوله:
الحزم سوء الظن. قال: إنّما أراد سوء الظن بنفسه لا بغيره. قيل: فما
الصواب؟ قال: المشورة. قيل: فما الذى يجمع القلوب على المودّة؟ قال:
كف بذول، و بشر جميل[7]. قيل:
فما الاحتياط؟ قال: الاقتصاد فى الحبّ و البغض.
و قال معاوية لزياد حين ولّاه العراق[8]
يا زياد: ليكن حبّك و بغضك
[1] - الداء العياء: الداء الذى لا دواء له، أو أعيا
الأطباء و لم ينجح فيه الدواء( لسان العرب 15/ 113).