اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 451
تدركه له رحمة إذا هو تشحط[1]، فأدخل يده من تحت حلقه، فلما
أراد أن يحزّ، انقلب السكين، فأوجس إبراهيم فى نفسه، ثم عاد الثانية، فلما أراد أن
يحز انقلب السكين، و نودي: يا إِبْراهِيمُ قَدْ
صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّ هذا لَهُوَ
الْبَلاءُ الْمُبِينُ. وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
[الصافات: 105- 107] هذا فداء ابنك قد فداه الله لك به، فنظر إبراهيم خلفه، فإذا
بكبش قد لوي قرنه الأيمن على ساق شجرة، فوجّهه إبراهيم إلى القبلة- و قبلته يومئذ
مكة- فذبحه إبراهيم و قصبه[2] إسحاق،
فلما فرغا منه وضعاه قربانا، فرفعه الله إليه و تقبّله.
قال أبو هريرة: و لما صار يوسف 7 إلى مصر، و استرقّ بعد
الحرية، جزع جزعا شديدا، و جعل يبكى الليل و النهار على أبويه، و إخوته، و وطنه، و
ما ابتلى به من الرق، فأحيا ليلة من الليالى يدعو ربه تعالى، و كان من دعائه أن
قال: «يا ربّ، أخرجتنى من أحب البلاد إلىّ، و فرقت بينى و بين إخوتى و أبويّ و
وطنى، فاجعل لى فى ذلك خيرا و فرجا، و مخرجا من حيث احتسب، و من حيث لا أحتسب، و
حبّب إلىّ البلاد التى أنا فيها، و حبّبها إلى كل من يدخلها، و حبّبنى إلى أهلها،
و حبّبهم إليّ، و لا تمتنى حتى تجمع بينى و بين أبويّ و إخوتى، فى يسر منك و نعمة
و سرور، تجمع لنا به خير الدنيا و الآخرة، إنك سميع الدعاء».
فأتي يوسف فى نومه فقيل له: إن الله تعالى قد استجاب لك دعاك، و
أعطاك منالك، و ورثك هذه البلاد و سلطانها، و جمع إليك أبويك و إخوتك، و أهل بيتك،
فطب نفسا، و اعلم أن الله تعالى لن يخلف وعده.
و بدعاء يوسف صارت مصر محبوبة، يحبّها من دخلها، فلا يكاد يخرج منها.
[1] - التشحّط: الاضطراب في الدم، يقال تشحط المقتول
بدمه أي اضطرب و تخبط فيه( لسان العرب 7/ 327).