اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 446
قالوا: يا إبراهيم، أ ما تخاف من آلهتنا أن
تصيبك بسوء، إن أنت سببتها أو عبتها؟ قال: وَ كَيْفَ أَخافُ
ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ
يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً، فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنعام: 81] و كان آزر[1] يصنع أصناما يعبدها قومه، ثم
يعطيها إبراهيم يبيعها، فيكسرها و يذهب بها إلى نهر لهم فيصبها فيه على رءوسها، و
يقول لها: اشربى! استهزاء بها، و إظهارا لقومه فساد ما هم عليه. ففشا ذلك عندهم من
غير أن يبلغ ذلك نمروذ[2] فأوّل ما
بدأ قومه أن فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقالَ
إِنِّي سَقِيمٌ [الصافات: 88، 89] يعنى من الغيظ عليهم و على
أصنامهم، فظنوا إنه مطعون، و كانوا يفرّون من الطاعون إذا سمعوا به فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ. فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ
[الصافات: 90، 91] فدخل عليها و هم قد وضعوا لها طعاما و شرابا فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ. ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ. فَراغَ عَلَيْهِمْ
ضَرْباً بِالْيَمِينِ [الصافات: 91، 93] و كسرها، و قطع أيديها و
أرجلها، حتى جعلها جذاذا، و أراق طعاما و شرابها، و عمد إلى الفأس، فعلقه بيد
إلههم العظيم، ثم خرج عنها و تركها.
فلما رجع قومه من عيدهم، دخلوا بيت أصنامهم، فلمّا رأوا ما صنع بها،
راعهم ذلك و أعظموه و قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا
إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ. قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ
إِبْراهِيمُ [الأنبياء: 59، 60] سمعناه يسبها و يستهزئ بها
قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ [الأنبياء: 61] فلما أتي بإبراهيم 7 قالُوا أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ.
قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ.
فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ. ثُمَّ
نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ [الأنبياء: 62- 65] قالوا:
إنا قد ظلمناه بما نسبنا إليه، ثم قالوا:- و قد عرفوا أنها لا تضر و لا تنفع- لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ. قالَ أَ فَتَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ. أُفٍّ لَكُمْ
وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ [الأنبياء: 65- 67] فقال له نمروذ- حين سمع ذلك منه- صف لنا إلهك
الذى تعبد و تدعو إلى عبادته.
[1] - آزر: اسم والد إبراهيم الخليل و قيل أن اسمه«
تارخ» و أن آزر هو لقب الصنم الذى كان يعبده.
و قد قال ابن كثير إن الصواب أن
اسمه« آزر»( قصص الأنبياء- ابن كثير ص 120).
[2] - نمروذ: قيل أنه أول ملك جبّار فى الأرض و هو ملك
بابل و اسمه( النمروذ بن كنعان بن كوش ابن حام بن نوح) قال مجاهد: كان أحد ملوك
الدنيا، فقد ملك الدنيا أربعة( مؤمنان و كافران) المؤمنان:
ذو القرنين و سليمان، و الكافران:
النمرود و بختنصر.( قصص الأنبياء- ابن كثير ص 129).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 446