اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 438
دلّت الآثار على أن الأمير و المأمور فى
القصاص سواء، إذا جنى أحدهما على الآخر، و أن الأمير إذا ظلم المأمور، زال تأمّره
عليه فى ذلك المعنى، و كان الأمير فى ذلك المعنى كبعض المؤمر عليهم، حتى يتحاكموا
إلى السلطان الأعظم.
و كان عمر يقول: إنما بعثت أمرائى، ليعلموا الناس دينهم، و يقسموا
بينهم فيئهم، و يعدلوا فيهم، و لم أبعثهم ليضربوا أبشارهم و يحلقوا أشعارهم، فمن
ظلمه أمير فلا إمرة عليه دوني حتى آخذ له بحقه.
قال عمرو بن العاص: الله الله يا أمير المؤمنين، إن ادّب رجل رجلا من
رعيته، إنك لتقصّه منه؟ فقال عمر: كيف لا أقصّه منه و قد رأيت النبى صلى اللّه
عليه و سلم يقصّ من نفسه؟
فأما القصاص بين البهائم فاختلف النّاس فى حشرها، و فى جريان القصاص
بينها.
فكان ابن عباس يقول: حشرها موتها. قال: و حشر كلّ شيء الموت، إلا
الجنّ و الأنس فإنهما يوافيان يوم القيامة.
و قال معظم المفسرين: إنها تحشر و يقتصّ منها.
قال ابن حبيب: تحشر البهائم.
و قال قتادة: يحشر كل شيء حتى الذّباب.
و قال أبو الحسن الأشعرى[2]:
لا نقطع بإعادة البهائم و المجانين و من لم تبلغه الدعوة، و يجوز أن يعادوا و
يدخلوا الجنة، و يجوز أن لا يعادوا، و الدليل على ثبوت الإعادة فى الجملة، قوله
تعالى: وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ
[التكوير: 5] و قال تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ
فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ إلى أن قال: ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ
يُحْشَرُونَ [الأنعام: 38].
[2] - أبو الحسن الأشعرى: على بن إسماعيل بن إسحاق من نسل
الصحابى ابو موسى الأشعرى، و مؤسس مذهب الأشاعرة، كان من أئمة المتكلمين و
المجتهدين ولد فى البصرة و تلقى مذهب المعتزلة و تقدم فيهم ثم خالفهم، بلغت
مصنفاته ثلاثمائة كتاب توفى ببغداد سنة 324 ه( الأعلام 4/ 263).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 438