اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 435
الباب الثامن و الخمسون فى القصاص و
حكمته
قال الله تعالى: وَ لَكُمْ فِي
الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ [البقرة: 179] يعنى
إذا علم القاتل و القاطع و الفاتك إنه يقتصّ منه، أحجم و لم يقدم على الفعل، فيكون
فى ذلك حياته، و حياة الذي همّ به.
روى ابن مسعود: عن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال: «أول ما يقضى بين
الناس فى الدماء»[1]
روى أبو هريرة أن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال: «من كانت عنده
لأخيه مظلمة فليتحلّله منها، فإنه ليس ثم دينار و لا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه
من حسناته، فإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه»[2]
و هذا حديث صحيح رواه البخارى.
فإن قيل يعارضه قوله تعالى: وَ لا تَزِرُ
وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الأنعام: 164 و الإسراء: 15 و فاطر: 18
و الزمر: 7] فكيف يؤخذ الظالم بذنب ركبه[3]
المظلوم؟
قلنا: معنى الآية: لا يعاقب أحد بذنب أحد ابتداء، و أما فى مسألتنا:
فمظلمة بقيت عنده و ليس له وفاء بها، فهو الذى اكتسب هذا الوزر و هو معنى قوله
تعالى: وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [العنكبوت: 13].
و روى أبو سعيد الخدرى أن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال: «يخلص
المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة و النار، فيقتصّ لبعضهم من بعض،
مظالم كانت بينهم فى الدنيا، حتى إذا هذّبوا و نقّوا، أذن لهم فى دخول الجنة، فو
الذى نفسى بيده، لأحدهم أهدى لمنزله فى الجنة منه بمنزله فى الدنيا»[4].
[1] - رواه الإمام أحمد و البخارى و ابن ماجة و النسائى
عن ابن مسعود و لفظ مسلم:« أول ما يقضى بين الناس- يوم القيامة- فى الدماء»، و
قال: ذلك لعظم أمرها و كثير خطرها، صحيح مسلم كتاب القسامة باب المجازاة بالدماء
فى الآخرة ج 3 رقم 1678.
[2] - سبق تخريج الحديث و هو صحيح رواه البخارى و
الإمام أحمد عن أبى هريرة( كنز العمال رقم 10169).
[4] - أخرج البخارى حديث القنطرة هذا فى صحيحه( باب
القصاص يوم القيامة) من حديث أبى سعيد الخدرى رقم 6170 و رواه الإمام أحمد 3/ 63 و
غيرهم كما أورده القرطبي فى معرض تفسيره لقوله تعالى: وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ
عَرَّفَها لَهُمْ[ محمد: 6]، و قوله تعالى: طِبْتُمْ فَادْخُلُوها
خالِدِينَ[ الزمر: 73]( 15/ 286، 16: 231).
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 435