responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 393

و ما سقطت يوما من الدّهر أمّة

إلى الذلّ إلّا أن يسود ذميمها

إذا ساد فينا بعد ذلّ لئيمنا

تصدّى لنا ذلّ و قد أديمها

و ما قادها للخير إلا مجرّب‌

عليم بإقبال الأمور كريمها

و ما كلّ ذى لبّ يعاش بفضله‌

و لكن لتدبير الأمور حكيمها

و اعلموا: أن معظم ما يدخل على الدول من الفساد، من تقليد الأعمال أهل الحرص عليها، لأنه لا يخطبها إلا لصّ فى ثوب ناسك، و ذئب فى مسلاخ‌[1] عابد، حريص على جمع الدنيا، نابذ لدينه و مروءته، (يبتغى عرض الحياة الدنيا، و قد سبق المثل: الحرص على الأمانة دليل على الخيانة)[2].

يتخذون عباد اللّه خولا[3]، و أموالهم دولا[4].

و إذا اهتضمت حقوق المسلمين و أكلت أموالهم، فسدت نيّاتهم، و قلّت طاعاتهم، فانتقضت الأمور، و دبّ الفساد إلى الممالك، و قد ذكرنا فى أول الكتاب الآثار فى كراهية الولايات.

و قال المأمون: ما فتق عليّ قطّ فتق‌[5] فى مملكتي، إلا وجدت سببه جور العمّال.

فإن قيل: فما معنى قول يوسف 7 للملك: اجْعَلْنِي عَلى‌ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ‌ [يوسف: 55].

قلنا: يوسف كان نبيا من أنبياء اللّه تعالى، واثقا من نفسه بالكفاية و الأمانة بين يدى من لا يتحقّق بواطن أسراره، و لا يعلم خصائصه و فضائله، و يرى الأمور و الأعمال و الولايات فى أيدى من ليسوا أهلا لها، و يجوز مثل هذا اليوم، لمن حصل بين يدى جبّار و لا يعلم منزلته، و لا ما عنده من الخصال و الفضائل، أن يذكر بعض ما يعلم من نفسه، ليعلم قدره، فيسلم بذلك من شره.


[1] - مسلاخ: ثوب أو إهاب و هو« جلد الحية» بعد أن ينسلخ عنها.

[2] - سقطت هذه العبارة من( ط) باستثناء:« دليل على الخيانة».

[3] - الخول: العبيد.

[4] - دولا: متداولا.

[5] - الفتق: الخلل فى العيش فى كالخلافات أو الآفات كالجوع و المرض أو الجدب أو الفقر.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست