اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 379
أبوابهم مثالا للشياطين، لأنهم أهل لذلك، و
قرّب منه أهل الحق، و باعد عنه أهل الباطل و الأهواء، فأحيا اللّه به الحق، و أمات
به الباطل، فهو يذكر بذلك، و يترحّم عليه ما دامت الدنيا.
و كان عمر بن الخطاب- رضى اللّه عنه- يقول: لا تستعملوا اليهود و
النصارى، فإنهم أهل رشا[1] فى
دينهم، و لا تحل فى دين اللّه الرشا.
و لما استقدم عمر بن الخطاب أبا موسى الأشعرى من البصرة- و كان عاملا
عليها- للحساب، دخل على عمر و هو فى المسجد، فاستأذن لكاتبه،- و كان نصرانيا-،
فقال له عمر: قاتلك اللّه- و ضرب بيده على فخذه- ولّيت ذميّا على المسلمين؟! أ ما
سمعت اللّه تعالى يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ
مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ
[المائدة: 51] أ لا اتخذت حنيفا؟[2] فقال: يا
أمير المؤمنين: لى كتابته و له دينه، فقال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، و لا أعزهم
إذ أذلّهم الله، و لا أدنيهم إذ أقصاهم الله.
و كتب بعض العمال إلى عمر بن الخطاب: إنّ العدد قد كثر، و أن الجزية
قد كثرت، أ فنستعين بالأعاجم؟ فكتب إليه عمر: إنهم أعداء الله، و إنهم لنا غشّة[3]، فأنزلوهم حيث أنزلهم الله، و لا
تردوا إليهم شيئا.
و قال عمران بن أسد: أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز، إلى محمد بن
المنتشر[4]، اما
بعد: فإنه بلغنى أن فى عملك رجلا يقال له: حسان بن برزى، على غير دين الإسلام، و
الله تعالى يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ
اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَ لَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَ الْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ [المائدة: 57] و إذا أتاك كتابي هذا، فادع حسّان إلى الإسلام، فإن
أسلم فهو منا و نحن منه، و إن أبى فلا تستعن به، و لا تأخذ من غير أهل الإسلام على
شيء من أعمال المسلمين، فقرأ الكتاب عليه، فأسلم.
[1] - الرشا: الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل.
[2] - الحنيف: المتمسك بالإسلام أو صحيح الميل إليه و
الحنفية ملة إبراهيم 7.
[3] - الذين يغشّون الناس، و تجمع على غشّاش و غششة.
[4] - محمد بن المنتشر: كان خليفة عبد الحميد بن عبد
الرحمن على واسط و كان رجل ثقة له أحاديث قليلة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و
سلم.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 379