اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 362
الباب التاسع و الأربعون فى سيرة السلطان
فى الإنفاق من بيت المال و سيرة العمال
اعلم: أن يوسف الصديق 7، لما ملك خزائن الأرض كان يجوع و
يأكل الشعير، فقيل له: أ تجوع و بيدك خزائن الأرض؟ فقال: أخاف أن اشبع فأنسى
الجائعين.
و روى البيهقى[1] بإسناده
قال: لما استخلف أبو بكر الصديق رضى اللّه عنه، غدا إلى السوق، فقال له عمر بن
الخطاب رضى اللّه عنه: أين تريد؟
قال: السوق، قال: قد جاءك ما يشغلك عن السوق، قال: سبحان اللّه،
يشغلنى عن عيالى؟ قال: نفرض لك بالمعروف، قال: فأنفق فى سنتين و بعض اخرى، ثمانية
آلاف درهم، و وصّى أن تردّ من ماله فى بيت المال.
و روى هذه القصة الحسن البصرى، قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة، قال:
انظروا كم أنفقت من مال اللّه؟ فوجدوه قد أنفق فى سنتين و نصف ثمانية
آلاف درهم، قال: اقضوها عنى، فقضوها عنه، ثم قال: يا معشر المسلمين إنه قد حضر من
قضاء اللّه ما ترون، و لا بد لكم من رجل يلى أمركم، و يصلى بكم، و يقاتل عدوكم،
فإن شئتم اجتمعتم و ائتمرت لكم، و إن شئتم اجتهدت لكم، فو الذى لا إله إلا هو، ما
آلوكم و نفسى خيرا، فبكوا، و قالوا: أنت خيرنا و أعلمنا، فاختر لنا، فقال: قد
اخترت لكم عمر.
و روى مالك هذه القصة، على غير هذا الوجه، قال: بلغني أن أبا بكر لما
ولي، لم ينفق من مال اللّه شيئا، و غدا يوما من بنى عمرو بن عوف[2]، و كانت له هناك امرأة من الأنصار
فى جمال له، يريد أن يبيعها، فلقيه بعض
[1] - البيهقى: الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن الحسين
بن على و البيهقى نسبة إلى بيهق. كان أوحد أهل زمانه فى الإتقان و الحفظ و الفقه و
التصنيف، و كان فقيها محدثا أصوليا، جمع أشياء كثيرة نافعة لم يسبقه أحد إلى مثلها
منها كتاب السنن الكبرى و السنن الصغرى و نصوص الشافعى و شعب الإيمان و الآداب و
غيرها كان زاهدا كثير العبادة و الورع مات سنة 458 ه.( الأعلام 1/ 116).
[2] - عمرو بن عوف جد جاهلى من الأزد سلالته عدة بطون.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 362