اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 335
الباب الرابع و الأربعون فى التحذير من
صحبة السلطان
اتفقت حكماء العرب و العجم و وصاياهم على النهي عن صحبة السلطان.
قال فى كتاب كيلة و دمنة[1]:
ثلاثة لا يسلم عليها إلا القليل: صحبة السلطان، و ائتمان النساء على الأسرار، و
شرب السم على التجربة.
و كان يقال: قد خاطر بنفسه من ركب البحر، و أعظم منه خطرا صحبة
السلطان.
و قال مردك[2]: أحق
الأمور بالتثبت فيها أمر السلطان، فإنه من صحب السلطان بغير عقل، فقد لبس شعار
الغرور.
و فى حكم الهند أيضا: صحبة السلطان على ما فيها من العز و الثروة
عظيمة الخطر، و إنما تشبّه بالجبل الوعر، فيها الثمار الطيبة، و السباع العادية، و
الثعابين المهلكة، فالارتقاء إليه شديد، و المقام فيه أشد.
و ليس يتكافأ خير السلطان و شره، لأن خير السلطان لا يعدو مزيد الحال
و شر السلطان قد يزيل الحال، و يتلف النفس التى لها طلب المزيد، و لا خير فى
الشيء الذى فى سلامته مال و جاه، و فى نكبته الجائحة و التلف. و لهذا لما قيل
للعتابى[3]: لم لا
تصحب السلطان على ما فيك من الأدب؟ قال: إنى رأيته يعطي عشرة آلاف فى غير شيء، و
يردى من الصّور[4] فى غير
شيء، و لا أدرى أي الرجلين أكون.
[1] - كليلة و دمنة: كتاب فى تهذيب النفس و الإرشاد إلى
حسن السياسة، جعلوه على ألسنة الحيوانات، نقله عبد الله بن المقفع من البهلوية إلى
العربية.