اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 328
الباب الثانى و الأربعون فى بيان الخصلة
التى تصلح بها الرعية
اعلم: أنّ أدعى خصال السلطان إلى إصلاح الرعية، و أقواها أثرا فى
تمسّكهم بأديانهم، و حفظهم لمروءاتهم، إصلاح السلطان نفسه، و تنزهه عن سفساف
الأخلاق، و بعده عن مواضع الريب، و ترفيعه نفسه عن استصحاب البطالة، و المجون، و
اللعب، و اللهو، و الإعلان بالفسوق.
و قد كانت صحبة محمد الآمين لذلك الرجل الخليع، و الماجن الرقيع- أبى
نواس الشاعر[1]- و صمة
عظيمة عليه، أوهن بها سلطانه، و وضع[2]
عند الخاص و العام قدره، و أطلق ألسنة الخلق بالشتم، و الثناء القبيح على نفسه،
فخلعه بذلك أخوه المأمون عن الولاية، و وجّه طاهر بن الحسين[3]
لمحاربته ببغداد، و حاربه حتى قتله، و أنفذ برأسه إلى المأمون، و كان يعمل كتبا
تقرأ على المنابر من خراسان، و يقف الرجل فيذم أهل العراق، فيقول: أهل فسوق و خمور
و ماخور[4]، و يعيب
الأمين بذلك، فيقول: استصحب أبا نواس، شاعرا ماجنا كافرا، استخلصه معه لشرب
الخمور، و ارتكاب المآثم، و نيل المحارم، و هو القائل:
ألا
فاسقنى خمرا و قل لى هى الخمر
و
لا تسقنى سرّا إذا أمكن الجهر
و
بح باسم من تهوى ودعنى من الكنى
فلا
خير فى اللّذّات من دونها ستر
[1] - أبو نواس الحسن بن هانى: من كبار شعراء العصر
العباسى، شاعر الخمر، قيل أن الرشيد قربه و أن محمد الأمين ابن هارون الرشيد جعله
شاعره، اتصل بالبرامكة، عاقر الخمر و أسرف فى اللهو ثم تاب فى آخر حياته و مات سنة
198 ه.( الأعلام 2/ 225).
[3] - طاهر بن الحسين: هو الذى وجهه المأمون لقتال
الأمين و تمكّن منه و قتله و أرسل برأسه إلى أخيه المأمون و قد سبق ترجمة كل من
الأمين و المأمون أبناء هارون الرشيد، و قد توجه طاهر بن الحسين بعد ذلك إلى
خراسان فقضى على ثورة الخوارج و وطد دعائم حكم المأمون و لكنه قطع خطبة المأمون و
أسس الدولة الطاهرية فبعث إليه المأمون من يقتله و قد قتل سنة 207 ه.( الأعلام 3/
221).
[4] - الماخور: مجلس الفسّاق أو بيت الدعارة و الفساد.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 328