اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 313
فعامله بما كنت تعامل به الكلب إذا أنبحك، أ
لست تذهب فى شأنك و لا تخاصمه و لا تسبّه؟ فافعل بمن يهتضم[1]
عرضك مثل ذلك.
و إذا رأيت إنسانا قد جبل على الخلاف، إن قلت: لا، قال: نعم، و إن
قلت:
نعم، قال: لا، فألحقه بعالم الحمير، فإن دأب الحمار إن أدنيته بعد، و
إن أبعدته قرب، و أنت تستمتع بالحمار، و لا تسبّه و لا تفارقه، فاستمتع أيضا بهذا
الإنسان و لا تسبّه و لا تفارقه.
و إذا رأيت رجلا يطلب عثرات الناس و سقطاتهم، فمثله فى الأدميين كمثل
الذّباب فى عالم الطيّر، فإنّ الذّباب يقع على الجسد فيتحامى[2]
صحيحه، و يطلب المواضع النّغلة[3] منه.
و إذا بليت بسلطان يهجم على الأموال و الأرواح، فألحقه بعالم الأسود،
و خذ حذرك منه كما تأخذ حذرك من الأسد، و ليس إلا الهرب منه كما قال النابغة[4]:
و
لا قرار على زأر من الأسد
و إذا بليت بإنسان خبيث، كثير الرّوغان و المفاخرة، فألحقه بعالم
الثعالب.
و إذا بليت بمن يمشى بالنّمائم و يفرّق بين الأحبة، فألحقه بعالم
الظّربان[5] (و هى
دابة صغيرة)، تقول العرب عند تفرق الجماعة: (فسا بينهم ظربان فتفرقوا)- و خاصّة
هذه الدويبة: إذا حصلت وسط جماعة أن يتفرقوا- و كما أنّ الجماعة إذا أقبلت نحوهم
هذه الدابة، طردوها و منعوها الدخول بينهم، كذلك ينبغى إخراج النّمام من بين
الجماعة، فإن لم يفعلوا يوشك أن يفرّق ما بينهم، و يفسد قلوب بعضهم على بعض.
و إذا رأيت إنسانا لا يسمع العلم و الحكمة، و ينفر من مجالس العلماء
و الحكماء، و يألف سماع أخبار أهل الدنيا و سائر الخرافات، و ما يجرى فى