responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 312

الباب الخامس و الثلاثون فى بيان السيرة التى يصلح عليها الأمير و المأمور و يستريح إليها الرئيس و المرءوس مستخرجة من القرآن العظيم‌

قال الله تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ‌ [الأنعام: 38] فأثبت الله تعالى المماثلة بيننا و بين سائر البهائم.

و معلوم أنهم لا يماثلونا فى خلقنا و أشكالنا، و سائر ما تدركه العين منهم و منّا، فتبقى المماثلة فى الأخلاق، فلا أحد من الخلق إلّا و فيه خلق من أخلاق البهائم، و لهذا تجد أخلاق الخلائق مختلفة: فإذا رأيت من الإنسان خلقا خارجا عن الاعتدال، فأبصر ما يماثل ذلك الخلق من خلق سائر الحيوان، فألحقه به، و عامله كما كنت تعامله به، فحينئذ تستريح من منازعتهم و يستريحون منك، و تدوم الصّحبة.

فإذا رأينا الرّجل الجاهل فى خلائقه، الغليظ فى طباعه، القوىّ فى بدنه، لا يؤمن طغيانه و إفراطه، فألحقه بعالم النّمور، و العرب تقول: (أجهل من نمر) و أنت إذا رأيت النّمر بعدت عنه و لم تخاصمه و لا تساببه، فاسلك بالرّجل كذلك.

و إذا رأيت الرّجل الغالب على أخلاقه السّرقة خفية، و النّقب ليلا على وجه الاستسرار، قلنا: هذا يماثل الجرذ، فدع ملاحاته‌[1] و مخاصمته، كما ندع سباب الجرذ إذا أفسد رحلك، ثم أحى رحلك‌[2] بما يصلح له.

و إذا رأيت هجّاما على أعراض الناس و ثلبهم‌[3]، فقد ماثل عالم الكلاب، فإنّ دأب الكلب أن يجفو[4] من لا يجفوه، و يبتدئ بالأذيّة من لا يؤذيه،


[1] - ملاحاته: أى مخاصمته.

[2] - أحى رحلك: الرّحل هو مل يحمل على ظهر البعير كالسرج، و أحيه أى أصلحه.

[3] - الثلب: الغيبة و السب.

[4] - الجفوة: الغلظة فى المعاشرة و جفا صاحبه: اعرض عنه.

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست