اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 299
الباب الرابع و الثلاثون فى بيان الخصلة
التى هى رهن بسائر الخصال، و زعيم بالمزيد من النّعماء و الآلاء من ذى الجلال و
هي: الشكر
قال الله تعالى، حكاية عن سليمان. 7، و قد أتاه الله ملك
الدنيا، و الجنّ و الإنس، و الطير و الوحش، و الرّياح تجرى بأمره كيف أراد، فلما
استمكن ملكه، قال صلى اللّه عليه و سلم: هذا مِنْ فَضْلِ
رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ
[النمل: 40]، فما عدّها نعمة كما عدّها ملوك الأرض، و لا حسبها كرامة من اللّه
تعالى عليه، كما ظنّها ملوك الأرض، بل خاف أن تكون استدراجا من حيث لا يعلم، كما
قال تعالى فى أمّة أراد هلاكهم: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ
مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ. وَ أُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف: 182، 183- القلم: 44، 45] جاء فى التفسير: أصبّ عليهم
النّعم، و أنسيهم الاستغفار.
و إنّما الفرح بما أوتى من الدّنيا، و الغبطة بزهرتها، و الاغترار
بزخرفها من شعار الكفار، أ لا ترى إلى قول (قارون)[1]
اللعين: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي
[القصص: 78] و كان جوابه ما قال الله تعالى:
فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ [القصص: 81].
و لما خاف سليمان 7، ان يكون استدراجا، كان جوابه ما قال
الله تعالى: هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ [ص: 39].
و اعلم- أرشدك الله- أنّ الشكر ليس حافظا للنّعم فقط، بل هو مع حفظه
لها، زعيم بزيادة النعم، و أمان من حلول النّقم.
[1] - قارون: من أثرياء العبرانيين فى أيام موسى 7، اضطهد موسى و من معه فخسف الله به و بداره الأرض و ذهبت ثروته و خزائن
أمواله التى كانت تنوء عن حمل مفاتيحها العصبة من الرجال و هنا جزء من قصته التى
وردت فى القرآن الكريم.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 299