responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 223

الباب السادس و العشرون في بيان معرفة الخصال التي هي جمال العقل‌

قد ذكرنا الخصال التي تجري من المملكة مجرى الأساس من البنيان، و نذكر الآن الخصال التي تجري من المملكة مجرى التاج و الطّيلسان، و حسن الهيئة و الكمال:

فأكملها و قاعدتها: العفو، قال الله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ‌ [الأعراف: 199] فلما نزلت هذه الآية على النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «يا جبريل ما هذا؟ قال: لا أدري، حتى أسأل العالم، فذهب جبريل ثم عاد فقال: يا محمد، ربّك يقرئك السلام، و يأمرك أن تصل من قطعك، و تعطي من حرمك و تعفو عمن ظلمك»[1].

و اعلموا- أرشدكم الله- أن الله تعالى أمر بالعفو، و ندب إليه، و ذكر فضيلته و حث عليه، و وصف به نفسه، فقال سبحانه: وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ‌ [آل عمران: 134]. فأوجب الله تعالى محبته للعافين، و أثنى عليهم بالإحسان، فقال: وَ لَمَنْ صَبَرَ وَ غَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 43].

و عزائم الأمور، من صفات المصطفين من الرسل، قال الله تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ‌ [الأحقاف: 35]، و قال سبحانه: وَ إِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ‌ [الشورى: 37]، و قال سبحانه: وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ‌ [النور: 22]، فاستعطف الخلق، و ندبهم إلى أن يعفوا عن الجناة و الظالمين و الخاطئين، كما يحبون أن يفعل الله بهم.

و قال فيمن انتصر و لم يعف: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ‌ [الشورى: 41]، فرفع الحرج عن المنتصر و المنتقم، و لم يوجب له فضيلة.

ثم كشف الغطاء، و أزاح العذر، و صرح بتفضيل العافين على المنتصرين‌


[1] - ورد هذا الحديث في« إتحاف السادة المتقين- للزبيدي 318» و لهذا الحديث ما يعضده، عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال فقال:( صل من قطعك، و أعط من حرمك،« و أعرض» و في رواية« و اعف عمن ظلمك». رواه الإمام أحمد و الحاكم( الترغيب و الترهيب ج 3/ 227).

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 223
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست