اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 211
و على هذا النمط، كان وزير الحجاج، يزيد بن
أبي مسلم[1]، لا يألوه
خبالا[2]، و لبئس
القرناء، شرّ قرين لشرّ خدين[3].
و أشرف منازل الآدميين النبوة، ثم الخلافة، ثم الوزارة.
الوزير عون على الأمور و شريك في التدبير، و ظهير على السياسة، و
مفزع عند النازلة[4].
الوزير مع الملك بمنزلة: سمعه، و بصره، و لسانه، و قلبه.
و في الأمثال: «نعم الظهير الوزير».
و اعلم: أن أول ما يستفيد الملك من الوزراء أمران: علم ما كان يجهله،
و يقوى عنده علم ما كان يعلمه، فيزول شكّه.
و أول ما يظهر نبل السلطان، و قوة تمييزه، و جودة عقله، في: استنخاب
الوزراء و استنقاد الجلساء[5] و محادثة
العقلاء، فهذه ثلاث خلال تدل على كماله، و بها يجمل في الخلق ذكره و يجلّ في العقول
قدره، و ترسخ في النفوس عظمته، و المرء موسوم بقرينه. و كان يقال: حلية الملوك و
زينتهم:
وزرائهم.
و في كتاب كليلة و دمنة[6]: لا يصلح
السلطان إلا بالوزراء، و لا الأعوان إلا بالمودة و النصيحة، و لا المودة و النصيحة
إلا بالرأي و العفاف. و أعظم الأشياء ضررا على الناس عامة و على الولاة خاصة، أن
يحرموا صالح الوزراء و الأعوان،
[1] - يزيد بن أبي مسلم: يزيد بن دينار الثقفي أبو مسلم
كنية أبيه وال من الدهاة جعله الحجاج كاتبا له، و لما احتضر الحجاج استخلفه على
الخراج بالعراق، و أمّره الوليد بن عبد الملك بعد موت الحجاج سنة 95 ه ثم عزله
سليمان و لكن بعد أن حادثه أعجبه عقله و منطقه و استبقاه عنده ثم ولي إمارة في
أفريقيا و قتله أهلها هناك سنة 102 ه.( الأعلام 8/ 182).
[2] - يألوه خبالا: أي لا يقصّر في إفساد دينه. و
الجدير بالذكر أن هذا اللفظ مقتبس من الآية الكريمة رقم 118 من سورة آل عمران، حيث
قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا.
[4] - مفزع عند النازلة: يكشف و يزيل السوء عند حلول
المصيبة.
[5] - استنخاب الوزراء: اختيارهم. و استنقاد الجلساء:
اختبارهم.
[6] - كليلة و دمنة: كتاب في تهذيب النفس و إصلاح
الأخلاق و الإرشاد إلى حسن السياسة وضعه الفيلسوف الهندي( بيديا) و ترجمه عبد الله
بن المقفع من البهلوية إلى العربية، يتكلم فيه على ألسنة الطيور و الحيوانات.
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 211