اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 210
الباب الرابع و العشرون في الوزراء و
صفاتهم، و الجلساء و آدابهم
قال اللّه تعالى في قصّة موسى 7:
وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي [طه: 29]، فلو كان
السلطان يستغني عن الوزراء، لكان أحق الناس بذلك كليم اللّه موسى بن عمران.
ثم ذكر حكمة الوزارة، فقال: اشْدُدْ بِهِ
أَزْرِي. وَ أَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه: 31، 32]، دلت الآية
على أن موضع الوزارة، أن تشدّ قواعد المملكة، و أن يفضي إليه السلطان بعجزه، و
يجزه إذا استكملت فيه الخلال المحمودة.
ثم قال: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً. وَ
نَذْكُرَكَ كَثِيراً [طه: 33، 34]، دلّت هذه الكلمات على أن:
بصحبة العلماء و الصالحين و أهل الخبرة و المعرفة، تنتظم أمور الدنيا و أمور
الآخرة، و كما أن أشجع الناس يحتاج إلى السلاح، و أفره الخيل[1]
إلى السوط، و أحدّ الشّفار إلى المسن، كذلك يحتاج أجلّ الملوك و أعظمهم و أعلمهم
إلى الوزير.
و روى أبو سعيد الخدري قال: ما بعث اللّه نبيّا و لا استخلف خليفة
إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف و تحضّه عليه، و بطانة تأمره بالشر و
تحضه عليه، و المعصوم من عصمه اللّه تعالى.
و إنما اشتقّت الوزارة من الوزر و هو الثّقل، يريد أنه: يحمل من أمر
المملكة و أعبائها و أثقالها مثل الأوزار.
أسعد الملوك: من له وزير صدق، إن نسي ذكّره، و إن ذكر أعانه.
و قال وهب بن منبه[2]: قال موسى
7 لفرعون: آمن و لك الجنة و لك ملكك، قال: حتى أشاور هامان[3]، فشاوره في ذلك، فقال: (بينما أنت
إله تعبد إذ صرت تعبد) فأنف و استكبر و كان من أمره ما كان.