ثم أقبل الرجل على أهل الجمع، فقال لهم: مثلكم مع المسلمين، مثل هذا الذئب مع الكلاب، لا يزال الهرج و القتال بينهم، ما لم يظهر لهم عدو من غيرهم، فإذا ظهر لهم عدوّ من غيرهم تركوا العداوة بينهم، و تألّفوا على العدو. فاستحسنوا قوله و تفرقوا عن رأيهم.

\*\*\* فصل في ذم الدهاء و المكر[1]

و أما المذموم في هذا الباب: فصرف العقل إلى الدهاء و المكر، قال الشّعبي‌[2]: وقعت الفتنة و دهاة العرب ستة:

معاوية بن أبي سفيان‌[3]، و عمرو بن العاص‌[4]، و المغيرة بن شعبة[5] و زياد ابن أمية[6] و قيس بن سعد بن عبادة[7] و عبد اللّه بن بديل بن ورقاء[8].

و قال الأصمعي: كان معاوية يقول: أنا للأناة، و عمرو للبديهة، و زياد للصغار و الكبار، و المغيرة للأمر العظيم.

قال قبيصة بن جابر[9]: ما رأيت أعطى لجزيل مال بغير سلطان، من طلحة بن عبيد الله‌[10]، و لا رأيت أثقل حلما و لا أطول أناة من معاوية،

[1] \* من إضافات المحقق.

[2] - الشعبي: عامر بن شراحيل. أبو عامر من التابعين الرواة و الذي يضرب المثل بحفظه، ولد و نشأ و مات بالكوفة سنة 103 ه.( الأعلام 3/ 251).

[3] - معاوية بن أبي سفيان: الخليفة الأموي الأول، سبقت ترجمته.

[4] - عمرو بن العاص: قائد مسلم شهير، فاتح مصر و باني مدينة الفسطاط، اشتهر بدهائه، توفي في القاهرة سنة 43 ه.( الأعلام 5/ 79).

[5] - المغيرة بن شعبة: صحابي ثقفي، من دهاة العرب و ولاتهم، ولّاه عمر بن الخطاب على البصرة و الكوفة و ولاه معاوية على الكوفة، مات سنة 50 ه.( الأعلام 7/ 277).

[6] - زياد بن أمية: هو زياد بن أبيه أو ابن أبي سفيان بن أمية، سبقت ترجمته.

[7] - قيس بن سعد بن عبادة: أنصاري صحابي، خزرجي، حمل راية الأنصار مع النبي صلى اللّه عليه و سلم. توفى سنة 60 ه.( الأعلام 5/ 206).

[8] - عبد الله بن بديل بن ورقاء: الخزاعي، صحابي من الدهاة الفصحاء اسلم يوم الفتح و قاتل مع علي في صفين و قتل فيها سنة 37 ه.( الأعلام 4/ 72).

[9] - قبيصة بن جابر بن وهب الأزدي الكوفي تابعي من رجال الحديث الفصحاء، من أهل الكوفة، و بعد من فقهاء الطبقة الأولى بعد الصحابة، و هو أخو معاوية في الرضاعة توفي سنة 69 ه.( الأعلام 5/ 188).

[10] - طلحة بن عبيد الله: صحابي قرشي من الشجعان و الأجواد فسمي طلحة الجود من العشرة المبشرين بالجنة استشهد في موقعة الجمل و هو إلى جانب عائشة سنة 36 ه.( الأعلام 3/ 229).