responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 202

فصل في العقل المكتسب‌[1]

و أما العقل المكتسب: فهو نتيجة العقل الغريزي، و هو ثقابة المعرفة، و إصابة الفكرة و ليس له حد ينتهي إليه، لأنه ينمو إذا استعمل، و ينقص إن أهمل،

و نماؤه يكون بأحد وجهين:

الوجه الأول:

إما أن يقارنه‌[2] من مبدأ النشوء ذكاء و حسن فطنة، كالذي قال الأصمعي:

قلت لغلام حدث‌[3] من أولاد العرب، كان يحدثني، و أمتعني الله بفصاحته و ملاحته: أ يسرّك أن يكون لك مائة ألف درهم، و أنك أحمق؟ قال: لا و الله، قلت و لم؟ قال: أخاف أن يجني علي حمقي جناية تذهب بمالي، و يبقى عليّ حمقي. فاستخرج هذا الصبي بفرط ذكائه ما يدق على من هو أكبر منه سنا.

و قيل لبعض الصبيان: أ لك أب؟ قال: فكأني عيسى ابن مريم؟!.

و قد قالت الحكماء: آية العقل سرعة الفهم، و غايته إصابة الوهم، و ليس للذكاء غاية، و لا لجودة القريحة[4] نهاية.

أ لا ترى أن إياس بن معاوية[5]، الذي يضرب المثل بذكائه، قال لأبيه و هو طفل- و كان أبوه يؤثر أخاه عليه-: يا أبت تعلم ما مثلي و مثل أخي معك: أنا كفرخ الحمام، أقبح ما يكون أصغر ما يكون، و كلما كبر ازداد ملاحة و حسنا، فتبنى له العلالي، و تتّخذ له المربعات، و يستحسنه الملوك، و مثل أخي مثل الجحش، أملح ما يكون أصغر ما يكون، و كلما كبر قبح و صار إلى القهقري، إنما يصلح لحمل الزبل و التراب.


[1] \* من إضافات المحقق.

[2] - يقارنه: يصاحبه.

[3] - غلام حدث: غلام صغير السن.

[4] - قال لفلان قريحة جيدة: أي يستنبط العلم بجودة الطبع.

[5] - إياس بن معاوية المزني: قاضي البصرة المشهور بعدله و ذكائه، توفي سنة 122 ه.( الأعلام 2/ 33).

اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر    الجزء : 1  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست