اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 182
الباب السادس عشر فى ملاك أمور السلطان
قال سليمان بن داود 8: الرحمة و العدل يحرزان الملك[1].
و قال زياد[2]: ملاك
السلطان ثلاثة أشياء: الشّدّة على المذنب، و المجازاة للمحسن، و صدق القول.
و لما غزا سابور ذو الأكتاف[3]،
ملك الروم، و أخرب بلاده، و قتل جنده، و أفنى بطارقته[4]،
قال له ملك الروم: إنك قد قتلت و أخربت، فأخبرنى ما الأمر الذى تشبّثت به، حتى
قويت على ما أرى، و بلغت فى السياسة ما لم يبلغه ملك؟ فإن كان ممن يضبط الأمر
بمثله، أدّيت إليك الخراج، و صرت كبعض الرّعية فى الطاعة لك.
فقال له سابور: إنى لم أزد فى السياسة على ثمان خصال: لم أهزل فى أمر
و لا نهى، و لم أخلف فى وعد و لا وعيد، و ولّيت أهل الكفاية، و أثبت على العناء لا
على الهوى، و ضربت للأدب لا للغضب، و أودعت قلوب الرعية المحبة من غير جرأة، و
الهيبة من غير ضغينة، و عممت بالقوت، و منعت الفضول[5].
فأذعن له و أدى الخراج.
و كتب الوليد إلى الحجاج[6]،
أن يكتب له بسيرته، فكتب إليه: إنى أيقظت رأيي و أنمت هواي، و أدنيت السيّد المطاع
فى قومه، و ولّيت فى
[2] - زياد بن أبيه: أمير من القادة الفاتحين، كأن
يكتنف الغموض نسبه، ألحقه معاوية بن أبى سفيان بنسبه و ولاه الكوفة و البصرة، و
اشتهر بشدته و حسن ادارته، توفى سنة 53 ه( الأعلام 3/ 53).
[3] - سابور ذو الأكتاف: هو شابور أو سابور الثانى، حيث
أن هذا الاسم حمله ثلاثة من ملوك الفرس، و الثانى لقب بذى الأكتاف، قيل لأنه أمر
بفك أكتاف الأسرى، و هو الذى حمى الديانة المزدكية و حارب البيزنطيين و اضطهد
المسيحيين، مات سنة 379 م( المعارف لابن قتيبة ص 656.
[4] - البطارقة: مفردها البطريق، و هو القائد من قوّاد
الروم، أما البطاركة( بالكاف): فهم الأساقفة فى طائفة من الطوائف المسيحية أو على
أقطار معينة.