اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 177
الباب الرابع عشر فى الخصال المحمودة فى
السلطان
و قد اتفقت العلماء و الحكماء عليها فقالوا: أيّها الملك: إن قصّرت
قوّتك عن عدوك، فتخلّق بالأخلاق الجميلة، التى ليس لعدوّك مثلها، فإنّها الكافية
من الغارة الشعواء[1].
و قال معاوية[2] لصعصعة بن
صوحان[3]: صف لي
عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقال: كان عالما برعيّته، عادلا فى قضيّته، عاريا من
الكبر، قبولا للعذر، سهل الحجاب، مصون الباب، متحريا للصواب، رفيقا بالضعيف، غير
محاب للقوى، و لا بجاف للقريب.
و قالوا: المنفعة توجب المحبة، و المضرّة توجب البغضة، و المخالفة
توجب العداوة، و المتابعة توجب الألفة، و الصدق يوجب الثقة، و الأمانة توجب
الطمأنينة، و العدل يوجب اجتماع القلوب، و الجور يوجب الفرقة، و حسن الخلق يوجب
المودة، و سوء الخلق يوجب المباعدة، و الانبساط يوجب المؤانسة، و الانقباض يوجب
الوحشة، و الكبر يوجب المقت، و التّواضع يوجب المقة[4]،
و الجود يوجب الحمد، و البخل يوجب المذمة، و التوانى يوجب التضييع، و الجدّ يوجب
رجاء الأعمال، و الهوينى توجب الحسرة، و الحزم يوجب السرور، و التغرير يوجب
الندامة، و الحذر يوجب العذر، و إصابة التّدبير توجب بقاء النّعمة، و بالتّأنّي
تسهل المطالب، و بلين كنف المعاشرة تدوم المودة، و بحفظ الجانب تأنس النفوس، و
بسعة خلق المرء يطيب عيشه. و الاستهانة توجب التّباعد، و بكثرة الصّمت تكون
الهيبة، و عدل المنطق يوجب الجلالة، و بالنّصفة تكثر المواصلة، و بالأفضال
[1] - الشعواء: المتفرقة و الممتدة، و فى( ط) فإن
الكفاية من الغارة الشواء.
[2] - معاوية: هو معاوية بن أبى سفيان، مؤسس الدولة
الأموية و المشهور بدهائه و حسن سياسته، توفى سنة 60 ه. و قد سبقت ترجمته.
[3] - صعصعة بن صوحان: صعصعة بن صوحان بن حجر بن الحارث
العبدي، من سادات عبد القيس، من أهل الكوفة، كان خطيبا بليغا عاقلا، شهد« صفين» مع
عليّ بن أبى طالب، و له مع معاوية مواقف، مات نحو سنة 70 ه( الأعلام 3/ 205).