اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 168
الباب الثانى عشر فى التنصيص على الخصال
التى زعم الملوك أنها أزالت دولتهم و هدمت سلطانهم
أيّها الملك: احرص كلّ الحرص على أن تكون خبيرا بأمور عمّالك، فإن
المسيء يفرق من خبرك به[1]، قبل أن
تصيبه عقوبتك، و المحسن يستبشر بعلمك قبل أن يأتيه ثوابك.
قال أبو جعفر المنصور[2]: و ما زال
أمر بنى أمية مستقيما حتى أفضى أمرهم إلى أبنائهم المترفين، فكانت همّتهم- من عظيم
شأن الملك و جلالة قدره- قصد الشهوات، و إيثار اللذات، و الدخول فى معاصى الله و
مساخطه، جهلا منهم باستدراج الله تعالى، و أمنا لمكره، فسلبهم الله تعالى العزّ، و
نقل عنهم النعمة.
قال عبيد الله بن مروان[3]-
و مروان هذا هو المعروف: بمروان الحمار، و هو آخر ملوك بنى أمية، قتل فى أرض مصر
فى كورة بوصير-[4] لما زال
ملكنا، و هربت إلى أرض النوبة، فيمن اتّبعنى من أصحابى، فسمع ملك النوبة بخبرى،
فجاءنى فقعد على الأرض و لم يقعد على فراش افترشته، فقلت له:
أ لا تقعد على ثيابنا؟ قال لا، قلت: و لم؟ قال: لأنّى ملك، و حقّ على
كلّ ملك أن يتواضع لأمر الله سبحانه و تعالى إذ رفعه. ثم قال لي: لم تشربون الخمر
و هى محرمة عليكم؟ و لم تطئون الزرع بدوابّكم و الفساد محرّم عليكم؟ و لم تستعملون
الذهب و الفضة و تلبسون الديباج و الحرير و هو محرم عليكم؟
[2] - أبو جعفر المنصور: الخليفة العباسى الثانى، سبقت
ترجمته.
[3] - مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية لقّب بالحمار
لجرأته فى الحروب و لقّب بالجعدى نسبه إلى مؤدبه الجعد بن درهم، هزمه العباسيون فى
معركة الزاب و قتل فى مصر سنة 132 ه، و كان له ولدان عبيد الله و عبد الله، أما
عبيد الله فقد قتل بعد أبيه و لا عقب له، و أما عبد الله فكان جعله والده ولى عهده
بعده، سجن فى بغداد حتى مات زمن الرشيد( الأعلام 7/ 208، المعارف لابن قتيبة ص
372).