اسم الکتاب : سراج الملوك المؤلف : الطرطوشي، أبوبكر الجزء : 1 صفحة : 154
و مثاله أيضا، مثال الليل الذى جعله الله
تعالى سكنا و لباسا و نوما و راحة و سباتا، و قد يستوحش له أخو الفقر، و يسارع فيه
أهل الدعارة و الفساد، و اللصوص، و تعدو فيه السّباع، و تنتشر فيه الهوامّ، و ذوات
الحمة[1]، و
السّموم القاتلة، ثم لا ينسى العباد نعم الله تعالى عليهم به، و لا يرزأ[2] صغير ضرره بكبير نفعه.
و مثاله أيضا، مثال النّهار الذى جعله الله تعالى ضياء و نورا، و
نشورا و اكتسابا و انتشارا، و قد تكون فيه الحروب و الغارات، و التّعب و النصب، و
الشّخوص[3] و
الخصومات، فتستريح الخلق منه إلى الليل، ثم لم ينس العباد نعمة الله تعالى عليهم
فيه، و هكذا كلّ جسيم من أمور الدنيا يكون ضرره خاصا، و نفعه عاما، فهو نعمة عامة،
و كل شيء يكون نفعه خاصا فهو بلاء عام.
و لو كانت نعم الدنيا صفوا من غير كدر، و ميسورها من غير معسور،
لكانت الدنيا هى الجنة، التى لا تعب فيها و لا نصب. و قد قال الشاعر: