اسم الکتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار المؤلف : الجيلاني، عبد القادر الجزء : 1 صفحة : 46
بين العبد و بين الحقّ أحدهما أسود و
الثّاني أبيض»[1] ثمّ حلق
رأس الرّوح من الصّفات البشريّة بملازمة الاسم الثّامن، ثمّ دخل حرم السّرّ
بملازمة الاسم التّاسع، ثمّ وصل رؤية العاكفين، فيعتكف في بساط القربة و الأنس
بملازمة الاسم العاشر، ثمّ رأى جمال الصّمديّة بلا كيف و لا تشبيه، ثمّ طاف سبعة
أشواط بملازمة الاسم الحادي عشر، و معه ستة أسماء من الفروعات، ثمّ يشرب من يد
القدرة كما قال اللّه تعالى: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ
شَراباً طَهُوراً [الإنسان: الآية 21] بقدح الاسم الثّاني عشر، و
يرفع برفع الوجه الباقي المقدّس فينظر بنوره إليه، و هذا معنى قوله تعالى في
الحديث القدسيّ: «ما لا عين رأت ...»[2]- يعني:
لقاء اللّه تعالى- «... و لا أذن سمعت ...»- يعني: كلام اللّه تعالى بلا واسطة
الحروف و الصّوت- «... و لا خطر على قلب بشر ...»- يعني: ذوق الرّؤية و الخطاب-
ثمّ حلّل ما حرّم اللّه، بتبديل السّيّئات إلى الحسنات، بتكرار أسماء التّوحيد كما
قال اللّه تعالى: إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ
عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ
[الفرقان: الآية 70]، ثمّ العتق من التّصرفات النّفسانيّة، ثمّ الأمن من الخوف و
الحزن كما قال اللّه تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ
لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)
[يونس: الآية 62]- رزقنا اللّه و إياكم- بفضله و كرمه، ثمّ طاف الصّدور بتكرار
الأسماء كلّها، ثمّ الرّجوع إلى وطنه الأصليّ في عالم القدسيّ في أحسن التّقويم
بملازمة الاسم الثّاني عشر، و هو متعلّق بعالم اليقين، و هذه التأويلات في دائرة
اللّسان و العقل. و أمّا ما وراء ذلك فلا يمكن الإخبار عنه، لأنّه لا تدركه
الأفهام و الأذهان، و لا تسع الخواطر في ذلك كما قال رسول اللّه 6: «إنّ من العلم كهيئة المكنون لا يعلمها إلّا العلماء باللّه فإذا
نطقوا به لم ينكره إلّا أهل الغرّة»[3] فالعارف
يقول ما دونه، و العالم باللّه يقول ما فوقه، فإنّ علم العارف سرّ اللّه تعالى، لا
يعلمه غير اللّه تعالى كما قال اللّه تعالى:
وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ
[البقرة: الآية 255]- أي:
الأنبياء و الأولياء- كما قال اللّه تعالى:
فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى (7) اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ
الْأَسْماءُ الْحُسْنى (8) [طه: الآيتان 7، 8].