يتجاوز العلم و التصديق إلى مرتبة المشاهدة
و العيان، و فيه يرتحل السالك من عالم الملكوت، فتقوم عليه القيامة النفسيّة
الكبرى، و يدخل إلى عالم الجبروت منتقلًا من المشاهدات الملكوتيّة إلى المعاينات
الجبروتيّة.
الهجرة العظمي
بعد هذا على السالك أن يهاجر من وجوده، و يرفضه مطلقاً، و هذا هو
السفر إلى عالم الوجود المطلق. و إلى هذه المرحلة إشارة في حديث بعض الأعاظم: دَعْ
نَفْسَكَ وَ تَعَالَ. و يشير لها- أيضاً- قوله تعالى:
فَادْخُلِي فِي عِبادِي، وَ ادْخُلِي جَنَّتِي.[1] و
إن أتت «وَ ادْخُلِي جَنَّتِي» بعد «فَأدْخُلِي في عِبَادِي». و خطاب يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ هو
خطاب للنفس التي فرغت من الجهاد الأكبر، و دخلت إلى عالم الفتح و الظفر الذي هو
مقرّ الاطمئنان. ولكن لأنها لم تفرغ بعد من المجاهدة العظمى، و ما زالت آثارها
الوجوديّة باقية، و لأنَّ غاية الاضمحلال متوقّفة على تحقّق الجهاد الأعظم، فهي لم
تتخلّص بعد من هيمنة التسلّط و القهر، و هي في مضمار «المليك» و «المقتدر»، و هما
اسمان عظيمان لله تعالى: