و معلوم أنَّ سائر درجات و فيوضات هذا
العالم بلا حدّ و لا نهاية، ثمّ لما كانت الألفاظ توضع للمعاني على أساس
الاحتياجات البشريّة فتتّسع بمقدار اتّساعها، لذا لم يكن من الممكن بيان الحقائق و
الأنوار المجرّدة لعالم الربوبيّة بالألفاظ، و كلّ ما قيل فيها لا يعدو كونه إشارة
أو كناية ليس بمقدورها إنزال تلك الحقائق إلى مستوى الأفهام.
فالإنسان المادّيّ باعتبار أنه يحيا في أظْلم العَوَالم الإلهيّة كما
تصرّح بذلك بعض الأخبار: «أنت في أظلم العوالم» لا يضع الألفاظ إلّا لما يقع على
بصره أو تناله يده ممّا يدخل في إطار حاجاته اليوميّة، أمّا سائر العوالم و
التعلّقات و التشعشعات و الأنوار و الأرواح التي لا علم له بها فلا يضع لها
ألفاظاً، فلا يوجد- بناءً على ذلك- لغة في العالم يتسنّي لها التحدّث عن هذه
المعاني السامية، فكيف يمكن إذَن توصيف هذه المعاني و بيانها؟