و المكان، و فيما بعد- و ببركة التوفيقات
الإلهيّة- يستطيع السالك أن يرى حقيقة نفسه بتجرّدها التامّ و الكامل.
و ينقل عن المرحوم الحاجّ الميرزا جواد الملكيّ التبريزيّ رضوان الله
عليه، الذي كان تلميذاً ملازماً لُاستاذ العرفان و التوحيد المرحوم المولى حسين
قلي الهمدانيّ رضوان الله عليه مدّة أربع عشرة سنة، أنه قال:
«ذات يوم قال لي الاستاذ: أوكَلْتُ مهمّة تربية التلميذ الفلانيّ
إليك، و كان ذلك التلميذ يملك همّة عالية و عزماً راسخاً، فقضى ستّ سنوات في
المراقبة و المجاهدة حتّى وصل إلى مقام القابليّة المحضة للإدراك و تجرّد النفس،
فأردتُ أن ينال هذا السالك طريق السعادة و هذا الفيض على يد الاستاذ و يكتسي بهذه الخلعة
الإلهيّة، فأحضرته إلى بيت الاستاذ، و بعد عرض الأمر عليه قال الاستاذ: ليس هذا
بشيء، ثمّ أشار بيده و قال: التجرّد مثل هذا فقال ذلك التلميذ: رأيت أنني فصلت عن
جسدي فوراً، و شاهدت إلى جانبي موجوداً مثلي».
و ليعلم أنَّ شهود الموجودات البرزخيّة ليس له ذلك القدر من الشرافة،
بل الشرافة في رؤية النفس في عين التجرّد التامّ و الكامل؛ لأنَّ النفس في هذه
الحال تسطع بتمام حقيقتها المجرّدة